[بيان أحوال المنافقين]
[وامتناعهم عن استماع الحقّ في تشبيه آخر]
[(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ)]
[في معنى الصيّب وما يراد منه]
أو كصيّب فيعل من الصوب ؛ يقال : صاب أي : نزل ، كما في الصحاح. وهو المطر لأنّه يصوب أي : ينزل ويقع ، كما ذكره جماعة (١) ، وفسّره به القميّ (٢) ، والظاهر من الرواية الآتية ـ إن شاء الله ـ ؛ أو السحاب ذو الصوب ، كما ذكره الجوهري وغيره. قال (٣) : «الشماخ وأسحم دان : صادق الرعد صيب.» أي : هطل غير خلب لا عبث فيه ، والاحتمالان متقاربان في المقصود من المثال.
من السماء ، يطلق السماء على هذه المظلّة ، وعلى كلّ ما علاك فأظلّك كما صرّح به الجوهري ؛ قال : «ومنه قيل لسقف البيت سماء وعلى المطر يقال : ما زلنا نطأ السماء حتّى أتيناكم.» وكأنّه من إطلاق مبدء الشيء عليه.
وذكر (٤) في وجه تقييد الصيّب بكونه من السماء مع أنّ كل صيّب كذلك أنّه يفيد حينئذ أنّه غمام مطبق آخذ بجميع الآفاق على ما يفيده تعريف الجنس من غير قرينة التبعيضيّة ، ولو لم يذكر لم يحصل هذه الفائدة لجواز أن يكون الصيّب من بعض الآفاق ؛ إذ كلّ ناحية من السماء وأفق من آفاقها سماء ، ففي
__________________
(١) كالزمخشري ، فراجع الكشاف ، ج ١ ، ص ٤١.
(٢) القمي ، ج ١ ، ص ٣٤ ؛ والبرهان ، ج ١ ، ص ٦٦.
(٣) الكشاف ، ج ١ ، ص ٤١.
(٤) نفس المصدر.