الّذي كالمذكور حكما أو مقدّر قبلها.
ثمّ إنّ هذه الجملة إمّا حاليّة من أصحاب الصيّب ، كما ذهب إليه بعضهم (١) ، أو مستأنفة كأنّها وقعت جوابا للسؤال عن أنه كيف حالهم مع هذا الرعد ، فقيل : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ) ، ثمّ قيل : فكيف حالهم مع مثل ذلك البرق ، فقيل : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) ، كما ذكره جماعة (٢). ولعلّ الاوّل أقرب.
ثمّ إنّ في نسبة الجعل إلى الاصابع مع عدم وقوعه إلّا على رؤوسها مبالغة حسنة ، ولها نظائر كثيرة ينسب المنسوب إلى الجزء حقيقة إلى كلّه ، كما يقال :
طلعت الشمس في وقت ظهور قرنه.
(مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ)
[معنى الصّاعقة]
الصاعقة قصفة رعد تنقض معها شقّة من نار ، والبحث في حقيقتها قريب ممّا تقدّم في الرعد والبرق. فعلى ما ذكر تلك الاجزاء الناريّة إمّا أن تكون لطيفة تنطفي بسرعة ، أو تكون قويّة شديدة غليظة المادّة ، فتصل إلى الارض.
وربّما دخلت في باطنها لقوّة وقوعها ، فتسمّى صاعقة. ويقال الصاعقة لصيحة العذاب أيضا على ما ذكره بعضهم (٣).
وكون جعل الاصابع في الاذان من الصواعق بمعنى كونه من أجلها ، وأنّها الباعثة على ذلك ؛ قيل : إنّ من هيهنا يغني غناء اللام في المفعول له ، فقد يكون غاية يقصد حصوله ، وقد يكون غاية يتقدّم وجوده.
والحذر هو طلب السلامة ممّا يخاف ، وهو منصوب على أنّه مفعول له.
__________________
(١) راجع أنوار التنزيل ، ص ١٦.
(٢) الكشاف ، ج ١ ، ص ٤٣ ؛ والاية الاخيرة : البقرة / ٢٠.
(٣) راجع الصحاح ؛ والتبيان ، ج ١ ، ص ٩٣ ؛ ومجمع البيان ، ج ١ ، ص ٥٧.