(وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)
[معنى إحاطة الله سبحانه]
ذكر جماعة أنّ : «إحاطة الله بالكافرين مجاز ، والمعنى أنّهم لايفو [تو] نه كما لا يفوت المحاط به المحيط حقيقة» (١). وقريب منه تفسيرها بأنّه قادر عليهم لا يستطيعون الخروج عن قدرته.
وعن الاصم : «أنّه عالم بهم فيعلم سرائرهم ، ويطلع نبيّه على ضمائرهم» (٢). وعن مجاهد : «أنّه جامعهم يوم القيامة ، يقال أحاط بكذا إذا لم يشذّ منه شيء» (٣). واحتمل بعضهم (٤) أن يراد بالاحاطة : الاهلاك ، كما في قوله سبحانه : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ)(٥) أي : أصابه ما أهلكه. وأقرب هذه الوجوه هو الوجه الاوّل ، وورائها معنى يعسر بيانه وإدراكها ، ويظهر بملاحظة ما ورد : «أنّه سبحانه مع كلّ شيء لا بمقارنة ، ودون كلّ شيء لا بمزايلة» (٦). وما يقرب من ذلك البيان. ولعلّه يأتي بيان ما له ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وقالوا : إنّ هذه الجملة اعتراضيّة ، وذكروا في نكتة إيراد تلك الجملة الاعتراضيّة : أنّه تنبيه على أنّ الحذر من الموت لا يفيد ، وفي فائدة وضع الكافرين موضع الضمير دلالة على أنّ أصحاب الصيّب كفّار ، ليظهر استحقاقهم شدّة
__________________
(١) التفسير الكبير ، ج ١ ، ص ٣٠٠ ؛ والكشاف ، ج ١ ، ص ٤٢.
(٢) راجع مجمع البيان ، ج ١ ص ٥٨.
(٣) نفس المصدر.
(٤) نفس المصدر.
(٥) الكهف / ٤٢.
(٦) هو كلام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في خطبته ، وفيه «غير» بدل «دون» ، راجع نهج البلاغة ، خ ١ ، ص ٤٠.