إلى الجهاد عاجلا ، كما عن ابن عباس (١).
وقيل : «إنّه مثل للدنيا شبّه ما فيها من الشدّة والرخاء بالصيّب الّذي يجمع ضرّا ونفعا ، وأنّ المنافق يدفع عاجل الضرر ولا يطلب آجل النفع» (٢).
[في تشبيه الحقّ بالمطر وبيان حقيقة متعلّقاته من الرّعد وغيره]
ولعلّ الاولى في وجه التطبيق بين المشبّه والمشبّه به أن يجعل المطر النازل من السماء إلى الهدى والحقّ والدين الّذي نزل من عند الله سبحانه ، ومن عالم الامر إلى هذا العالم لاحياء النفوس القابلة له المطيعة المنقادة ؛ كما قال سبحانه : (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ)(٣).
وهو ماء الحياة الروحانيّة الّذي من شرب منه لم يمت ، وحيي حياة طيّبة في أدوم السرور وأسبغ الكرامة وأتمّ العيش ؛ لكنّه إنّما يحيي الارض الساكنة تحته ، القابلة له ، الشاربة منه ، الخاشعة القابلة للحياة الّتي ليست صلبة كالحجر ، ولا مستعلية كالجبال ، ولا سبخة لا تخرج النبات ، وهي المحياة به المنتفعة به ، ولا تستقرّ بما فيه من الرعد والبرق والظلمات والصواعق ، بل هي عطشانة لا تطلب إلا الماء ، وليست لها التفات إلى تلك الامور ، ولا لها ضرر بالنسبة إليها ؛ لكن الّذين لم يتّصفوا بالصفات المذكورة للأرض خارجون (٤) عن ذلك الحكم بقدر بعدهم عن تلك الصفات وما يقتضيه طبيعة الارض. وذلك الهدى والعلم إذا صوّر بصورة حسيّة كان صورته ماء ، ولذا يرى في المنام بصورة الماء لو كان المرئيّ فيه هو
__________________
(١) قد ترى هذه الوجوه من التطبيق في مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٥٧ ؛ والتفسير الكبير ، ج ١ ، ص ٢٩٨ ؛ والكشاف ، ج ١ ، ص ٤٠ ، وغيرها من كتب التفسير.
(٢) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٥٧ ،
(٣) الانفال / ٢٤.
(٤) في المخطوطة : «خارجين».