الاحوال ، وعن سعي ناقص بخطوات قليلة ، وسكون أحيانا عن سلوك الصراط المستقيم ، والوقوف متقيّدا عند تقلّب الاحوال ، والله المستعان.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ)
[في أنّ الله قادر بإذهاب بصر المنافقين وإظهار كفرهم]
كأنّ المعنى أنّه لو شاء أن يذهب بسمعهم وأبصارهم لذهب بها ، وحذف المفعول في «شاء» تعويلا على دلالة الجزاء عليه شائع ، حتّى قيل : إنهم «لا يكادون يبرزون المفعول إلا في الشيء المستغرب» (١).
وكأن الاولى أن يجعل هذا أيضا من تتمّة أحوال أصحاب الصيب ، فيكون الاذهاب بالسمع بقصيف الرعد ، وشدّة صوته بالزيادة في شدّته ، أو واقعا على وجه يترتب عليه الذهاب ، أو جعله مذهبا بمشيّة الله سبحانه ، أو بسبب آخر ، أو بنفس المشية بلا سبب أصلا ، وكذا في إذهاب البصر بالبرق أو غيره.
ويشبه أن يكون إيراد هذه الجملة تنبيها على أنّ ما يفعلونه حذار البرق والرعد ليس مخرجا لهم عن قضاء الله سبحانه وقدره ومشيّته وحكمه عليهم ، ولا مغنيا لهم عن الله شيئا ، وأنّ الحكم لله وحده ، فلا ينبغي الاعتماد على الحذر وتدبير العبد لنفسه ، ولا طلب مسابقة الله في قضائه والفرار من حكمه ، بل ينبغي التوكل عليه سبحانه والاعتماد عليه والتسليم له.
وفي تتمّة الرواية السابقة :
«ثمّ قال الله عزوجل (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) حتّى لا يتهيألهم الاحتراز من أن تقف على كفرهم أنت وأصحابك المؤمنون ، وتوجب قتلهم» (٢).
__________________
(١) الكشاف ، ج ١ ، ص ٤٣.
(٢) راجع المصادر المذكورة في تعليقة ١ ص ٥٨٦.