ولعلّه بيان لما يفيده هذه الجملة الواقعة في المثال في صفات المشبه أو إثبات لمثله فيه ، وأنّه كما أن الله سبحانه لو شاء أذهبها عن أصحاب الصيب بما فيه من البرق والرعد ، فيبقون في تلك الاهوال والشدائد مأخوذين عنهم أسباب التخلّص ؛ إذ المبدء للخلاص هو الادراك والعمدة في أسبابه السمع والبصر ، كذلك لو شاء لذهب بها عن المنافقين حتّى لا يتمكنوا من الحيلة والتحرز عن وقوع سبب الهلاك عليهم باظهار الاسلام والالتزام بأحكامه ، وسائر ما كانوا يجعلونه وقاية لهم ، وجنة لدفع ما كان يعامل الكفار بمثله. ولعلّه مراد من فسره بأنه لو شاء لأظهر على كفرهم ، فأهلكهم ودمّر عليهم.
ويحتمل خروج هذه الجملة عن حكم ما قبله ، فيكون المراد بها المنافقون ابتداء. والاول أقرب ، والمآل على كلّ منهما واحد لا يتفاوت كثير تفاوت على الظاهر.
(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
[حقيقة الشيء ومصاديقه]
«الشيء» ما صحّ أن يعلم ويخبر عنه (١).
وعن سيبويه : «أنّه أول الاسماء وأعمها وأبهمها ؛ لأنه يقع على الموجود والمعدوم.» (٢) وهذا التعميم منسوب إلى محققي المتكلّمين ، بل قال جماعة : «إنّ الشيء أعمّ العامّ ، كما أنّ الله أخص الخاص ، يجري على الجسم والعرض والقديم ، وعلى المعدوم والمحال» (٣).
__________________
(١) راجع مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٥٨ ؛ والكشاف ، ج ١ ، ص ٤٣.
(٢) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٥٨.
(٣) راجع الكشاف ، ج ١ ص ٤٣.