[في أنّ ربوبيّة الله توجب العبوديّة]
أقول : قد مرّ ذكر تفاصيل في العبادة والعبوديّة في كلمة الجلالة وفي قوله سبحانه : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) ، وأنّ من جملة أغصانه الاطاعة بمعنى امتثال الامر بالاتيان بالمأمور به على وجهه ، ومن جملة الوجوه المغيّرة في العبادات في الجملة الاسلام والايمان المشتمل على الولاية على التفصيل المذكور في محلّه ، والظاهر اعتبار ما زاد على القدر اللازم من الاعتقادات أيضا في كمالها وإن لم يكن معتبرا في صحّتها.
وقد مرّ أنّ أصل العبوديّة هو الخضوع مطلقا أو أقصى مراتبه ، والخضوع للحقّ تعظيم له سبحانه كما أنّ تعظيمه سبحانه خضوع له ، وتعظيم الرسول والامام من حيث كونهما رسولا له سبحانه وإماما من قبله ، ومن حيث سائر جهات ربطهما إلى الحقّ تعظيم له سبحانه ، كما أنّ مطلق تعظيم شعائر الله سبحانه تعظيم له جل وعز.
ثمّ إنّه يشبه أن يكون ذكر اسم الربّ مضافا إلى المخاطبين إشارة إلى أن ربوبيّته سبحانه موجبة لعبادته لا شعار تعليق الحكم على الوصف المناسب بعلّيته لذلك الحكم.
وبيانه أنّ الربوبيّة تقتضي مقابلتها بالعبوديّة ، والقيام بوظائفه شكرا للنعم الّتي أعطيت ، والمضارّ الّتي دفعت سابقا ، وخوفا من الحرمان من النعم في المستقبل ، وأخذ ما أولاه وهو في الحال واجد له ، ومن تركه دفع ما يفسده ويضره فيما بعد ، ومن إيراد البلايا والآفات عليه ، ورجاء لابقاء ما أعطاه ، وإعطاء أمثال ما عوده من الاحسان ، وللزيادة عليها وتكميل الاحسان إليه ، وحبا لربه الذي أحسن إليه من كلّ جهة ولم يخل في طرفة عين من نعمه التي إن