ما انفرد به طائفة منهم ، فيكون معنى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) أقيموا الصلاة المجمع على كونها صلاة صحيحة دون ما اعتقده جماعة كذلك ؛ كالقائلين بالاعميّة. ولم يحضرني (١) الان نظير لهذا الخطأ الظاهر من أحد إلا أن يدعي خصوصيّة للمقام ترك بيانها في كلامه. فلعلّ المتجه حينئذ جعل الصفة موضحة على الوجهين لا جاريا مجرى المدح والتعظيم فقط ، مع نكتة أخرى ، وهو الاشعار بالحيثية التعليلية ، فانّ صفة الخلق بمعنى الايجاد من أعظم العلل الموجبة لعبادة المخلوق لخالقه وعبوديته ، ومن ذا أحقّ بالعبادة والمعبودية من الخالق الموجد له على مقداره وحدّه ، الذي أعطاه نعمة الوجود والتميز والتشخص التي بمنزلة الاصل لسائر النعم والموضوع لتلك الامور العارضة؟ بل إذا لاحظ العقل عنوان الخالقية والمخلوقية حكم باستحقاق الموصوف بالاولى المعبوديّة ، وأنّه ينبغي للموصوف بالثانية عبادته. وإذا جردت مرآة العقل عن الاوهام والاغشية ودققت النظر ، ظهر لك صدق هذه الدعوى وإن قطع النظر عن كون الخلق نعمة موجبة للشكر.
بل الظاهر أنّ هذه القضية أقوى وأثبت عند العقل من وجوب شكر المنعم وإن كانت تلك أظهر لكثرة مصاديقه بحسب الانظار الظاهريّة الموجبة لظهور حالها بخلاف هذه ، لتوافق كثير من الانظار على أنّه لا خالق سوى الواحد الحق.
[في المراد من المخلوقين من قبل]
فان قلت : هذا إنّما يجري في اعتبار صفة خلق المخاطبين على سبيل التوزيع عند مقابلة الجمع بالجمع ، فما تقول في أخذ خلق الذين من قبلهم هيهنا؟ وهل هو أيضا من جهات المعبوديّة أم لا؟
قلت : إن أخذ القبليّة هيهنا بحسب الرتبة فقط أو مع القبلية الزمانية
__________________
(١) فى المخطوطة : «يخطرنى».