حق من هو الخالق بالحقيقة ، الذي ليس له في الخلق حاجة ، ولا يعود عليه فيه منفعة أصلا لا عاجلا ولا آجلا ، وهو غني عن الخلق وعن جميع ما يرتبط بهم ويصدر منهم ، بل كان فعله جودا محضا ومقدمة لاعطائات أخر؟ لا يزيده كثرة العطاء إلا جودا وكرما.
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
في تتمّة ما تقدّم عن تفسير الامام عليهالسلام أنّه قال :
«لها وجهان ، أحدهما : [خلقكم] وخلق الذين من قبلكم لعلّكم كلّكم تتّقون ؛ أي : لتتّقوا كما قال الله عزوجل : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(١) والوجه الآخر : (اعْبُدُوا [رَبَّكُمُ] الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي : اعبدوه لعلّكم تتّقون النار. ولعلّ من الله واجب ، لأنّه أكرم من أن يعني عبده بلا منفعة (٢) ، ويطمعه (٣) في فضله ثمّ يخيبه ؛ ألا ترى كيف قبح من عبد من عباده إذا قال لرجل : أخدمني لعلّك تنتفع بي ولعلّي أنفعك ، فيخدمه ثمّ يخيبه ولا ينفعه؟ فالله عزوجل أكرم في أفعاله ، وأبعد من القبيح في أعماله من عباده» (٤).
__________________
(١) الذاريات / ٥٦.
(٢) خ. ل : «الى منفعة».
(٣) خ. ل : «يطيعه».
(٤) راجع المصادر المذكورة في تعليقة ٢ ص ٦١٩.