[في معنى الترجّي وما يتعلّق به وكيفيّة نسبته إلى الله تعالى]
أقول : لعلّ على الاول متعلّق ب «خلق» ويراد بالتقوى الافعال والتروك الاختياريّة بالوجوه المتقدمة ، وربّما يعبّر عنها بالعبادة ؛ وعلى الثاني متعلّق ب «اعبدوا» ويراد بالتقوى التحفظ عن دخول النار وصيانة النفس عنها ، وهو غاية لتلك الامور الاختياريّة التي ربّما يعبّر عنها بالعبادة ، مقدور بواسطتها لا بنفسها. وبينهما ربط لا يكاد يدرك بالانظار الظاهرية ، وقد بيّنّا في المقدمات بيان كيفيّة تعدّد المعاني للكلام الواحد من دون لزوم محذور استعمال اللّفظ في أكثر من معنى ، فراجع إليه. فلا يلزم حمل تعدد الوجه على تعدد الاحتمال ، حتّى لا يليق صدوره عن المعصوم العالم بواقعيات المرادات المقدس عن الشكوك والاحتمالات.
ويمكن جعل أحد الوجهين من قبيل تفسير الظاهر والآخر من تفسير ظاهر الظاهر بالمعنى المتقدم ، وأن يجعل أحدهما تفسيرا والآخر تأويلا وأخذا بلازم الكلام ؛ إذ لو كانوا مخلوقين لأجل التقوى كانوا ملتزمين بالاتصاف بها لأجل التحرز عن المضار الباقية ؛ إذ المخلوق لأجل غاية يلزم عليه الاتيان بالغاية التي خلق لأجلها والاتصاف بها ، وإلا كان مهملا لنفسه مضيعا لها ، ويحقّ لخالقه المؤاخذة على الترك بعد علمه بالغاية.
وإذا كان الغاية التقوى ، والتقوى على ما عرفت فرط الصيانة عمّا يضرّبه ، فبملاحظة الوصف العنواني ومدخليّته يظهر أنّه ملتزم بملازمة طريقة لا تقع مضرة فيها ، حذرا عن الوقوع في تلك المفاسد والمهالك ، وهي النيران الباطنية وسائر موجبات الآلام الغيبيّة المنتهية إلى النيران الحسّيّة الجسمانية في القيامة. فالمخلوقون ملتزمون بالاتيان بالعبادة التي هي طريق النجاة لكي ينجوا من كلّ