[رواية المفضّل في خلق الأرض]
وعن الصادق عليهالسلام في حديث توحيد المفضل أنّه قال :
«فكّر يا مفضّل فيما خلق الله عزوجل عليه هذه الجواهر الاربعة ليتسع ما يحتاج إليه منها. فمن ذلك سعة هذه الارض وامتدادها ، فلو لا ذلك كيف كانت تتسع لمساكن الناس ومزارعهم ، ومنابت أخشابهم وأحطابهم ، والعقاقير العظيمة والمعادن الجسيمة غناؤها؟
ولعلّ من ينكر هذه الفلوات الخالية والقفار الموحشة يقول : ما المنفعة فيها؟ فهي مأوى هذه الوحوش ومحالها ومرعيها. ثمّ فيها بعد متنفس ومضطرب للناس إذا احتاجوا إلى الاستبدال بأوطانهم ، وكم بيداء وكم فدفد حالت قصورا وجنانا بانتقال الناس إليها وحلولهم فيها؟ ولو لا سعة الارض وفسحتها لكان الناس كمن هو في حصار ضيّق لا يجد مندوحة عن وطنه إذا حزنه أمر يضطره إلى الانتقال عنه.
ثمّ فكّر في خلق هذه الارض على ما هي عليه حين خلقت راتبة راكنة ، فتكون موطنا مستقرا للأشياء ، فيتمكن الناس من السعي عليها في مآربهم ، والجلوس عليها لراحتهم ، والنوم لهدوئهم ، والاتقان لأعمالهم. فانّها لو كانت رجراجة متكفئة لم يكونوا يستطيعون أن يتقنوا البناء والتجارة والصناعة وما أشبه ذلك ، بل كانوا لا يتهنئون بالعيش والارض ترتج من تحتهم.