المختلفة من الآية الواحدة لو أريد منها ذلك؟ وما ثمرة حملها على غير المراد منها إن لم يثبت الاستعمال إلا في أحدها ، ولا سيّما في تفسير ظاهر الظاهر ، الذي ذكره العارف المتقدّم ، وبه يجمع بين جملة من الاخبار المتنافية الواردة في تفسير آية واحدة بحمل أحد المتنافيين على تفسير الظاهر ، والآخر على ظاهر الظاهر ، كما يجمع بين كثير من المتعارضات بحمل البعض على الظاهر ، وغيره على البطون والتأويلات ، وبملاحظة المجموع يرفع معظم التعارض الواقع بين أخبار التفسير؟ وكيف يجوز إخراج استعمالات ألفاظ القرآن من وجوه الاستعمالات الصحيحة عند أهل اللسان ، بل لو سلّم جوازه عندهم ، فلا يخلوا من استبشاع عندهم ، وهو مناف للمرتبة العالية الثابتة للقرآن في جميع المقامات اللفظيّة والمعنويّة فصاحة وبلاغة وأسلوبا وإمارة؟
قلت : الّذي أرى في المسألة الاصوليّة أنّ المانع من استعمال اللّفظ في أكثر من معنى عدم إمكان حقيقة الاستعمال فيه ، وملخّص بيانه : أنّ الاستعمال عبارة عن إيراد اللّفظ بازاء المعنى ، وجعله قالبا له ، ومرآتا للانتقال إليه ، وآلة لتصويره في ذهن السامع ؛ كما أنّ الوضع عبارة عن تعيين لفظ المعنى وتخصيصه به على وجه كلّيّ ، بحيث متى أطلق أو أحسّ فهم منه ذلك المعنى ، ومفاد المقامين هو صيرورة اللّفظ كلّيّة في الثانى وفي الكلام الخاصّ في الاوّل بازاء المعنى ، بحيث يكون اللّفظ المركّب من حيث كونه مجتمعا وحدانيا بازاء المعنى البسيط ، أو المركب من حيث كونه مركّبا وحدانيّا. فالمحاكات هنا بين اللّفظ الواحد والمعنى الواحد ولو كانت الوحدة اعتباريّة ، والحاكي الواحد في الاستعمال الواحد لا يحكي إلا حكاية واحدة عن الشيء الواحد ، ومن ضروريّته أن لا يقع بازاء الاكثر ، ولا قالبا له ولا مرآتا له لبساطته في هذا اللحاظ ، إلا أن يلاحظ الاكثر من حيث الاجتماع واحدا ، فيخرج عن العنوان ويندرج تحت استعمال اللّفظ في مجموع معنيين ، وهو غير