__________________
ـ وأضعف هذا وإن كان هذا الروح الكلي الذي هو القلم أشرف الممكنات ، وأقربها نسبة إلى الحق ، وأنه حامل الصفات الربانية ، والظاهر بها علما وعملا وحالا.
فالسير ، والسلوك ، والتوجه بالرياضة ، والمجاهدة ، والعلم ، والعمل ؛ المحققين المتأصّلين بأصول الشرائع والتعريفات الربّانية يثمر بعناية الله ومشيئته انصباغ القوى المزاجية بوصف الروح الحيواني في الجمع بين خاصية البساطة والتجريد ، وبين التصرّفات المختلفة بالقوى المتعددة في فنون الأفعال ، والتصريفات الظاهرة في بدن الإنسان بالقوى والآلات.
والروح الحيواني كماله الأول انصباغه بأوصاف النفس الناطقة ، والنفس الناطقة الجزئية كمالها الأول تحقّقها بوصف خازن الفلك الأول المسمّى في الشرائع ب «اسماعيل» ؛ وعند أهل النظر بالفعال ، وكمالها المتوسط ظهورها ، وتحققها بوصف النفس الكلية ، واكتساب أحكامها على وجه يوجب لها التعدي منها إلى المرتبة العقلية والروح الكلي.
ثم الاتصال بجناب الحق والاستهلاك فيه بغلبة حكم الحقية على الخلقية ، وزوال الخواص الإمكانية والتقييدية بأحكام الوجوب ، وبقهر حكم الحق الواحد القهار كل حكم ، ووصف كان يضاف إلى سواه ، وهذا القهر يرد على كل ما امتاز من مطلق الغيب الكليّ الربانيّ ، وتلتبس بواسطة الأحوال الإيجادية بأحكام الإمكان والتقييدات الكونية المتحصّلة من الشروط الوسائط.
فيستهلك الجزء في كله ، ويعود الفرع إلى أصله ، مستصحبا خوص ما مرّ عليه واستقر فيه مدة ، ووصل إليه ؛ كماء الورد كان أصله ماء فسرى في مراتب التركيب والمواد ، واكتسب بسرايته ما صحبه بعد مفارقة التركيب من طعم ، ورائحة ، وخواص آخر ، ولا يقدح شيء منها في وحدته وبساطته.
وإذا عرفت هذا ، فاعلم أنه يتحصّل بين كيفيات المزاج الإنساني وبين ما يكون قلب الإنسان وذهنه مغمورا به من المقاصد والتوجهات وغيرهما كانت ما كانت ، وبين ما ارتسم أيضا في نفسه من العلوم ، والعقائد ، والأوصاف ، والأخلاق في كل وقت ؛ هيئة اجتماعية. تلك الهيئة مع ما ذكرناه أولا في القاعدة بالنسبة إلى جانب الحق من جهة عدم الوسائط ، وبالنسبة إلى سلسلة الحكمة والترتيب ، وما أودع سبحانه من القوى ، والخواص ، والأوامر ، والأسرار في السماوات العلا وما فيها من الكواكب والأملاك ، وما يتكيّف به من الأوصاف والتشكّلات ؛ كالمرآة يتعين فيها من تجلّى الحق ، وشأنه الذاتي ، وأمره الترتيبي الحكمي العلوي ، وما يتبعه جميع التصورات والتصرفات الإنسانية وما ينضاف إلى الحق من الأسماء والصفات والشئون والآثار.
فمنها : أي من الأمور المتعينة المشار إليها : ما هي دائمة الحكم ثابتة الأثر.
ومنها : ما يقبل الزوال ؛ لكن ببطء.
ومنها : سريعة الزوال والتبدّل من حال إلى حال.
ومنها : ما نسبته إلى الحق أقوى وأخلص.
ومنها : ما نسبته إلى الكون أو الإنسان جمعا وفرادى من حيث ظاهر المدارك غالبا أحق وأنسب.