.................................................................................................
______________________________________________________
فقيه. وإنّما استثنيناه صورة دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب لعدم شمول أخبار التسامح لها ، لظهورها ـ بل صراحتها كما ستعرفه ـ في ترتّب الثواب على عمل مشكوك الرجحان ، بخلاف هذه الصورة ، لكون الرجحان فيها يقينيّا ، والشبهة إنّما هي في تحقّقه في ضمن فصل الوجوب أو الاستحباب ، ولذا لو أتى به بقصد القربة المطلقة حكم بصحّته لو كان من العبادات ، وترتّب عليه الثواب لا محالة. ومن هنا قد استثناها المصنّف رحمهالله من مورد الوجهين اللذين قوّى أوّلهما.
وكيف كان ، فالمقصود في المقام بيان حكم الوجهين الأوّلين من الثنائيّة ، لظهور حكم غيرهما بعد الإحاطة بما سنذكره فيهما. أمّا الأوّل ، أعني : ما دار الأمر فيه بين الوجوب والاستحباب ، كالشكّ في وجوب دعاء رؤية الهلال واستحبابه ، فقد عرفت نسبة السيّد الصدر القول بالاستحباب فيه إلى المجتهدين. وقد يحتجّ له بأنّ الرجحان المطلق ثابت فيه يقينا ، فإذا نفت أصالة البراءة فصل الوجوب ـ أعني : المنع من الترك ـ ثبت فصل الاستحباب ، لامتناع بقاء الجنس بلا فصل ، فيثبت الاستحباب.
وفيه أوّلا : أنّ مقتضى أصالة البراءة ليس إلّا مجرّد نفي العقاب على مخالفة الواقع لو اتّفقت ، لا نفي الوجوب كما تقدّم في بعض الحواشي السابقة.
وثانيا : أنّ الثابت في الواقع إنّما هو أحد الأمرين من الوجوب والاستحباب ، ولا ريب في قيام كلّ منهما بفصله الخاصّ ، ولا بقاء للجنس مع عدم فصله ، ولذا قيل بكونه علّة له ، فإذا انتفى فصل الوجوب بالأصل فلا بدّ من انتفاء جنسه الذي تحقّق في ضمنه إن كان الفعل واجبا في الواقع ، فلا يبقى جنسه حتّى يتحقّق في ضمن فصل الاستحباب ، ولذا قيل : إنّ الفصول لا تثبت بالاصول ، فإثبات الاستحباب حينئذ يحتاج إلى دليل آخر لا محالة.
ونقل في الضوابط عن صاحب الرياض القول بالتخيير قائلا : «إنّ الشكّ الواقع في المكلّف به على قسمين : أحدهما : الشكّ في متعلّق الطلب ، كما لو دار