.................................................................................................
______________________________________________________
الأمر فيه بين الوجوب والحرمة. والآخر : الشكّ في كيفيّة الطلب ، كما في دوران الأمر فيما نحن فيه بين الوجوب والاستحباب. وفي كلا القسمين نحكم بالتخيير البدوي» انتهى. وحاصله : منع جريان البراءة في المقامين ، فيؤخذ بأحد الاحتمالين.
وفيه : أنّ مقتضى أصالة البراءة ليس إلّا مجرّد نفي العقاب ، ومقتضاها في المقام جواز كلّ من الفعل والترك ، فلا وجه لمنع جريانه هنا. اللهمّ إلّا أن تؤخذ أصالة البراءة بمعنى استصحابها ، فيقال : إنّ ما نحن فيه من قبيل ما علم بحدوث حادث وشكّ في الحادث ، وهو خصوص الوجوب والاستحباب ، فاستصحاب عدم أحدهما معارض باستصحاب عدم الآخر ، وبعد تساقطهما لأجل التعارض لا مناص من الحكم بالتخيير. ولكن أخذها بهذا المعنى فاسد جدّا ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله غير مرّة.
والتحقيق ما عرفت من جواز الإتيان بالفعل بنيّة مطلقة من دون اعتبار وجوبه واستحبابه ، لعدم الدليل على تعيين أحدهما بالخصوص.
وأمّا الثاني ، أعني ما دار الأمر فيه بين الوجوب والإباحة ، مع عدم وجود دليل ضعيف ولا قول فقيه فيه ، فلا إشكال في رجحان الاحتياط فيه. ولعلّه يثاب عليه أيضا ـ كما أفاده المصنّف رحمهالله ـ إذا أتى به بداعي احتمال المحبوبيّة ، لأنّ ذلك وإن لم يكن إطاعة حقيقة ، نظرا إلى توقّفها على العلم بالأمر ، إلّا أنّه في حكمها ، لكون العبد معه شبيها بالمنقادين. ولعلّ الحكم بالثواب هنا أولى من الحكم بترتّب العقاب على ترك الاحتياط اللازم ، كما أفاده المصنّف رحمهالله. والوجه فيه يظهر ممّا أسلفناه عند شرح ما يتعلّق بالتنبيه الرابع من تنبيهات المسألة الاولى من مسائل المطلب الأوّل ، فراجع.
ولكن مع ذلك لا يحكم باستحباب الفعل ، لأنّ حسن الاحتياط وترتّب الثواب عليه لا يستلزم حسن المحتاط فيه ورجحانه من حيث هو ، لفرض عدم كون الإتيان به إطاعة حقيقيّة حتّى تستدعي وجود أمر كاشف عن حسن المأمور به ، و