.................................................................................................
______________________________________________________
الحائض مثلا فلها أن تتوضّأ بقصد القربة المتحقّقة المجزوم بها ، لا أنّ لها أن تتوضّأ لاحتمال كون الوضوء مقرّبا في حقّها ومطلوبا منها. ولا يخفى أنّ نيّة القربة على وجه الجزم تتوقّف على تحقّق الأمر ، والمفروض عدم تحقّقه. وأمّا الأمر العقلي بحسن الاحتياط إنّما يرد على موضوع الاحتياط الذي لا يتحقّق إلّا بعد كون الداعي على الإقدام هو احتمال المحبوبيّة ، لا مجرّد فعل محتمل المحبوبيّة ، فلا يمكن أن يكون نفس هذا الأمر العقلي القطعي داعيا على الإقدام المذكور.
ومنه يظهر أنّه لو فرض ورود الأمر الشرعيّ على هذا الفعل مطابقا لحكم العقل ومؤكّدا له ، فلا يعقل أن يصير داعيا إلى الفعل ، بل الداعي هو الاحتمال المذكور ، وهو الذي يدعو إلى الفعل لو أغمض الفاعل عن ثبوت حسنه والأمر به ، واستحقاق الثواب المنجّز عليه عقلا وشرعا. وأيضا فإنّ حكم العقل باستحقاق هذا الفاعل الثواب ثابت ولو في صورة فرض عدم التفات الفاعل إلى ورود الأمر الشرعيّ به ، فتبيّن أنّ الأمر الشرعيّ الوارد على فعل الاحتياط من حيث هو احتياط ليس داعيا للفاعل إلى الاحتياط ، ولا منشأ لاستحقاق الثواب.
والسرّ فيه أنّ الاحتياط في الحقيقة راجع إلى ضرب من الإطاعة ، فهي إطاعة احتماليّة ، فكما أنّ الإطاعة العلميّة المحقّقة بإتيان الشيء ـ لأنّه مأمور به هي بنفسها ـ حسنة موجبة لاستحقاق الثواب من غير التفات واحتياج إلى قول الشارع :
أطعني في أوامري ، ولو فرض أنّه قال ذلك فالثواب ليس بإزاء هذا الأمر ومن جهته ، فكذلك الإطاعة الاحتماليّة المحقّقة بإتيان الشيء ـ لاحتمال كونه مأمورا به ـ هي بنفسها موجبة لاستحقاق الثواب ، ولا يحتاج إلى ورود الأمر بها من الشارع ، ولو ورد فليس الثواب لموافقة هذا الأمر.
نعم ، لو فرض ورود أمر شرعيّ لا على وجه الموضوع الذي حسّنه العقل وحكم باستحقاق الثواب عليه ، وهو الاحتياط من حيث هو احتياط ، بل على مجرّد ما يحتمل استحبابه مطلقا ، أو من جهة بلوغه إليه بخبر محتمل الصدق ، بحيث يكون