.................................................................................................
______________________________________________________
القطع بإرادة حجيّة الخبر الضعيف في المستحبّات.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما ذكر في التعبير عن المسألة باستحباب كلّ فعل دلّ على استحبابه خبر ضعيف عبارة اخرى عن حجيّة الضعيف في المستحبّات. ويجوز مثل هذا التعبير في حجيّة الخبر الصحيح أيضا ، بأن يقال : الكلام فيه في وجوب كلّ فعل دلّ الخبر الصحيح على وجوبه ، واستحباب كلّ فعل دلّ الخبر باستحبابه ، وكذا الحرمة والكراهة والإباحة ، وكذا الأحكام الوضعيّة بناء على كونها أحكاما مستقلّة ، كما استدلّوا على حجّية خبر الواحد بأنّ في ترك الفعل الذي أخبر بوجوبه مظنّة الضرر ، ويجب دفع الضرر المظنون.
وحاصل هذا يرجع إلى أنّه يجب عقلا كلّ فعل أخبر بوجوبه ، ويحرم كلّ ما أخبر بحرمته ، بل إذا تأمّلت في سائر أدلّة وجوب العمل بالخبر لا تجدها إلّا دالّة على إنشاء الأحكام الظاهريّة المطابقة لمدلول الخبر لموضوعاتها ، ولا محصّل لجعل الخبر حجّة ومتّبعا إلّا هذا ، فإنّ المراد من تصديق العادل فيما يخبره أو العمل بخبره ليس عقد القلب على صدقه وكونه متّبعا ، بل تطبيق المكلّف عمله ـ أعني : حركاته وسكناته ـ على مدلول الخبر. وهذا المعنى نفسه مجعول في الخبر الضعيف بالنسبة إلى الاستحباب ، أترى أنّ المانع عن التمسّك بالآحاد في المسألة الاصوليّة يتمسّك بخبر الواحد على أنّه يجب كلّ فعل ذهب المشهور إلى وجوبه ، ويستحبّ كلّ ما ذهبوا إلى استحبابه ، ويحرم كلّ ما ذهبوا إلى تحريمه ، ويكره كذلك ، ويباح كذلك ، أو يقول إنّه يتمسّك بخبر الواحد في مسألة حجيّة الشهرة. هذا ، مع أنّك إذا تأمّلت لا تكاد ثمرة في فرع من فروع المسألة بين التعبيرين المذكورين ، فتأمّل.
وأمّا ثالثا : فلأنّا لو سلّمنا أنّ الكلام ليس في حجيّة الخبر الضعيف ، بناء على أنّ الحجّة من الامور الغير العلميّة عبارة عمّا أمر الشارع باتّباعه وتصديقه ، والبناء على مطابقة مضمونه للواقع ، وأخبار التسامح لم يستفد منها ثبوت هذا الاعتبار للخبر الضعيف ، بل استفيد استحباب فعل قام على استحبابه خبر ضعيف ، نظير