ومن ذلك يعلم (١٣٧٧) أنّه لا وجه للاستناد إلى قاعدة الاشتغال فيما إذا تردّدت الفائتة بين الأقلّ والأكثر ـ كصلاتين وصلاة واحدة ـ بناء على أنّ الأمر بقضاء جميع ما فات واقعا يقتضي لزوم الاتيان بالأكثر من باب المقدّمة.
توضيح ذلك مضافا إلى ما تقدّم في الشبهة التحريميّة أنّ قوله : «اقض ما فات» يوجب العلم التفصيلي بوجوب قضاء ما علم فوته وهو الأقل ، ولا يدلّ أصلا على وجوب ما شكّ في فوته وليس فعله مقدّمة لواجب حتّى يجب من باب المقدّمة ، فالأمر بقضاء ما فات واقعا لا يقتضي إلّا وجوب المعلوم فواته ، لا من جهة دلالة اللفظ على المعلوم حتّى يقال : إنّ اللفظ ناظر إلى الواقع من غير تقييد بالعلم ، بل من جهة أنّ الأمر بقضاء الفائت الواقعي لا يعدّ دليلا إلّا على ما علم صدق الفائت عليه ، وهذا لا يحتاج إلى مقدّمة ، ولا يعلم منه وجوب شىء آخر يحتاج إلى المقدّمة العلميّة.
والحاصل أنّ المقدّمة العلميّة المتّصفة بالوجوب لا تكون إلّا مع العلم الإجمالي. نعم ، لو اجري في المقام أصالة عدم الإتيان بالفعل في الوقت فيجب قضاؤه ، فله وجه (١٣٧٨) وسيجيء الكلام عليه.
______________________________________________________
حينئذ بالبراءة في الموضوعات المشتبهة ، للعلم بعدم تعلّقها بها حينئذ بحسب نفس الأمر ، وهو خلاف طريقة المحقّق المذكور وغيره مع أنّ مقتضاه نفي حسن الاحتياط ، وهو بديهي الفساد. فالأولى في الجواب : منع كون وضع الألفاظ للمعاني الواقعيّة مقتضيا لوجوب الاحتياط ، كما قرّره المصنّف رحمهالله ، مضافا إلى الإجماع وبعض الأخبار كما قدّمناه.
١٣٧٧. هذا بيان لعدم الفرق في موارد المسألة بين الشبهة البدويّة والمشوبة بالعلم الإجمالي إذا كانت الشبهة فيها راجعة إلى الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ، مع تضعيف قول المشهور في مسألة قضاء الفوائت.
١٣٧٨. لحكومة الاستصحاب الموضوعي على أصالة البراءة عن الزائد المشكوك فيه.