هذا ، ولكنّ المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم بل المقطوع به من المفيد قدسسره إلى الشهيد الثاني أنّه لو لم يعلم كميّة ما فات قضى حتّى يظنّ الفراغ منها.
وظاهر ذلك ـ خصوصا بملاحظة ما يظهر من استدلال بعضهم من كون الاكتفاء بالظنّ رخصة ، وأنّ القاعدة تقتضي وجوب العلم بالفراغ ـ كون الحكم على القاعدة.
قال في التذكرة : لو فاتته صلوات معلومة العين غير معلومة العدد ، صلّى من تلك الصلوات إلى أن يغلب في ظنّه الوفاء ؛ لاشتغال الذمّة بالفائت ، فلا يحصل البراءة قطعا إلّا بذلك. ولو كانت واحدة ولم يعلم العدد (١٣٧٩) ، صلّى تلك الصلاة مكرّرا حتّى يظنّ الوفاء. ثمّ احتمل في المسألة احتمالين آخرين : أحدهما : تحصيل العلم ؛ لعدم البراءة إلّا باليقين ، والثاني : الأخذ بالقدر المعلوم ؛ لأنّ الظاهر أنّ المسلم لا يفوّت الصلاة ، ثمّ نسب كلا الوجهين إلى الشافعيّة (١٧) ، انتهى.
وحكي هذا الكلام بعينه عن النهاية ، وصرّح الشهيدان بوجوب تحصيل العلم مع الإمكان ، وصرّح في الرياض بأنّ مقتضى الأصل القضاء حتّى يحصل العلم بالوفاء تحصيلا للبراءة اليقينيّة. وقد سبقهم في هذا الاستدلال الشيخ قدسسره في التهذيب ، حيث قال : أمّا ما يدلّ على أنّه يجب أن يكثر منها ، فهو ما ثبت أنّ قضاء الفرائض واجب ، وإذا ثبت وجوبها ولا يمكنه أن يتخلّص من ذلك إلّا بأن يستكثر منها ، وجب (١٨) ، انتهى.
وقد عرفت أنّ المورد من موارد جريان أصالة البراءة والأخذ بالأقل عند دوران الأمر بينه وبين الأكثر ، كما لو شكّ في مقدار الدين الذي يجب قضاؤه ، أو في أنّ الفائت منه صلاة العصر فقط أو هي مع الظهر ، فإنّ الظاهر عدم إفتائهم بلزوم قضاء الظهر ، وكذا ما لو تردّد فيما فات عن أبويه أو فيما تحمّله بالإجارة بين الأقلّ والأكثر.
______________________________________________________
١٣٧٩. كما إذا فاتت الظهر من أيّام لم يعلم عددها.