الفرق بين هذه الأمثلة وبين ما نحن فيه ؛ حيث حكي عنه ـ في ردّ صاحب الذخيرة القائل بأنّ مقتضى القاعدة في المقام الرجوع إلى البراءة ـ أنّه قال : إنّ المكلّف حين علم بالفوائت صار مكلّفا بقضاء هذه الفائتة قطعا ، وكذلك الحال في الفائتة الثانية والثالثة وهكذا ، ومجرّد عروض النسيان كيف يرفع الحكم الثابت من الإطلاقات والاستصحاب بل الإجماع أيضا؟ وأيّ شخص يحصل منه التأمّل في أنّه إلى ما قبل صدور النسيان كان مكلّفا ، وبمجرّد عروض النسيان يرتفع التكليف الثابت؟ وإن أنكر حجيّة الاستصحاب فهو يسلّم أنّ الشغل اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة إلى أن قال : نعم ، في الصورة التي يحصل للمكلّف علم إجمالي (١٣٨١) باشتغال ذمّته بفوائت متعدّدة يعلم قطعا تعدّدها لكن لا يعلم مقدارها ، فإنّه يمكن حينئذ أن يقال : لا نسلّم
______________________________________________________
بكلّ واحدة منها حين فوتها ، أو مع العلم بعددها المخصوص بعد فوتها ، ثمّ عرض النسيان فدار الأمر بين الأقلّ والأكثر ، يرد عليه ـ مع عدم الدليل على تخصيص كلمات العلماء بذلك ، لإطلاق حكمهم بوجوب القضاء حتّى يغلب على ظنّه الوفاء ـ أنّ ما ذكره المحقّق المذكور لا يصلح فارقا بين ما ذكر وما ذكره المصنّف رحمهالله من الأمثلة ، لما عرفت من أنّ ما ذكره المحقّق المذكور من التفصيل جار في مثال الدين وما تحمّله من أبويه أو بالإجارة ، بل في ما لو علم بفوات صلاة واحدة وشكّ في الزائدة عليها ، مع إطلاق فتوى العلماء بالبراءة فيها.
وإن أراد به ما لو حصل العلم الإجمالي ابتداء بفوات صلوات متعدّدة ، مع دورانها بين الأقلّ والأكثر من دون سبق علم تفصيلي ، يرد عليه ـ مع عدم الشاهد له أيضا ـ أنّه لا معنى حينئذ للفرق الذي استظهره من كلام المحقّق المذكور بين ما نحن فيه وما ذكره المصنّف رحمهالله من الأمثلة ، لأنّ المقصود من استظهار هذا الفرق تصحيح قول المشهور بوجوب الاحتياط فيما نحن فيه ، والمفروض أنّ المحقّق المذكور قد اختار القول بالبراءة في هذا المورد.
١٣٨١. بأن علم إجمالا بعروض خلل في بعض صلواته الماضية من دون علم به حين الإتيان بها.