أمّا عموم جزئيّته لحال الغفلة ؛ فلأنّ الغفلة لا توجب تغيير المأمور به ؛ فإنّ المخاطب بالصلاة مع السورة إذا غفل عن السورة في الأثناء لم يتغيّر الأمر المتوجّه إليه قبل الغفلة ، ولم يحدث بالنسبة إليه من الشارع أمر آخر حين الغفلة ؛ لأنّه غافل عن غفلته ، فالصلاة المأتيّ بها من غير سورة غير مأمور بها بأمر أصلا (١٧٥٧). غاية الأمر عدم توجّه الأمر (*) بالصلاة مع السورة إليه ؛ لاستحالة تكليف الغافل ، فالتكليف ساقط عنه ما دام الغفلة ، نظير من غفل عن الصلاة رأسا أو نام عنها ، فإذا التفت إليها والوقت باق وجب عليه الاتيان بها بمقتضى الأمر الأوّل.
فإن قلت : عموم جزئيّة الجزء لحال النسيان يتمّ فيما لو ثبت (١٧٥٨) الجزئيّة بمثل قوله : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» دون ما لو قام الإجماع مثلا على جزئيّة شىء في الجملة واحتمل اختصاصها بحال الذكر ، كما انكشف ذلك بالدليل في الموارد التي حكم الشارع فيها بصحّة الصلاة المنسيّ فيها بعض الأجزاء على وجه يظهر من الدليل كون صلاته تامّة ، مثل قوله عليهالسلام : «تمّت صلاته ، ولا يعيد» ، وحينئذ فمرجع الشكّ إلى الشكّ في الجزئيّة حال النسيان ، فيرجع فيها إلى البراءة أو الاحتياط على الخلاف. وكذا لو كان الدالّ على الجزئيّة حكما تكليفيّا مختصّا بحال الذكر وكان الأمر بأصل العبادة مطلقا ، فإنّه يقتصر في تقييده على مقدار قابليّة دليل التقييد أعني حال الذكر ؛ إذ لا تكليف حال الغفلة ، فالجزء المنتزع من الحكم التكليفي نظير الشرط المنتزع منه في اختصاصه بحال الذكر كلبس الحرير ونحوه.
قلت : إن اريد بعدم جزئيّة ما ثبت جزئيّته في الجملة في حقّ الناسي إيجاب العبادة الخالية عن ذلك الجزء عليه ، فهو غير قابل لتوجيه الخطاب إليه بالنسبة إلى
______________________________________________________
١٧٥٧. لا بالأمر الأوّل ولا بأمر آخر.
١٧٥٨. لأنّ إطلاق الخطاب الوضعي يقتضي الجزئيّة مطلقا حتّى في صورة النسيان ، بخلاف ما لو ثبتت الجزئيّة بالإجماع أو بخطاب تكليفي ، لأنّ الأوّل حيث كان لبيّا يقتصر فيه على المتيقّن ، وهو كون المشكوك فيه جزءا في حال الالتفات
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «عدم توجّه الأمر» ، عدم استمرار الأمر الفعلى.