المغفول عنه إيجابا وإسقاطا. وإن اريد به إمضاء الخالي عن ذلك (١٧٥٩) الجزء من الناسي بدلا عن العبادة الواقعيّة ، فهو حسن ؛ لأنّه حكم في حقّه بعد زوال غفلته ، لكن عدم الجزئيّة بهذا المعنى عند الشكّ ممّا لم يقل به أحد من المختلفين في مسألة البراءة والاحتياط ؛ لأنّ هذا المعنى حكم وضعي لا يجري فيه أدلّة البراءة بل الأصل فيه العدم بالاتّفاق. وهذا معنى ما اخترناه من فساد العبادة الفاقدة للجزء نسيانا بمعنى عدم كونها مأمورا بها ولا مسقطا عنه.
وممّا ذكرنا ظهر أنّه ليس هذه المسألة من مسألة اقتضاء الأمر للإجزاء في شىء ؛ لأنّ تلك المسألة مفروضة فيما إذا كان المأتيّ به مأمورا به بأمر شرعيّ ، كالصلاة مع التيمّم أو بالطهارة المظنونة ، وليس في المقام أمر بما أتى به الناسي أصلا.
وقد يتوهّم : أنّ في المقام أمرا عقليّا ؛ لاستقلال العقل بأنّ الواجب في حقّ الناسي هو هذا المأتيّ به ، فيندرج لذلك في إتيان المأمور به بالأمر العقلي. وهو فاسد (١٧٦٠) جدّا ، لأنّ العقل ينفي تكليفه بالمنسي ولا يثبت له تكليفا بما عداه من الأجزاء ، وإنّما يأتي بها بداعي الأمر بالعبادة الواقعيّة غفلة عن عدم كونه إيّاها ؛ كيف والتكليف عقليّا كان أو شرعيّا يحتاج إلى الالتفات ، وهذا الشخص غير ملتفت إلى أنّه ناس عن الجزء حتّى يكلّف بما عداه.
______________________________________________________
خاصّة. والثاني من حيث اختصاص التكاليف بحال الالتفات لا يشمل صورة النسيان.
١٧٥٩. وإن لم يكن مأمورا به أصلا ومشمولا للأمر من رأس. ولا منافاة بينه وبين رضا الشارع به بدلا من الواقع لمصلحة راعاها فيه.
١٧٦٠. حاصله : أنّ غاية ما يدلّ عليه العقل هو العذر في ترك تمام المركّب المنسيّ بعض أجزائه ، لا الأمر بالإتيان بالباقي. ويدلّ عليه أيضا أنّ الباقي لو كان مأمورا به فلا بدّ أن يكون مأمورا به بأمر ظاهري ، ولا بدّ في امتثال الأمر الظاهري من الإتيان بالمأمور به بعنوان كون الواقع مجهولا ، لأخذ الجهل بالواقع في موضوعه ، ولا أقلّ من اعتبار عدم الإتيان به بعنوان كونه مأمورا به في الواقع ، والمفروض أنّ الناسي إنّما يأتي بالباقي بعنوان كون المأتيّ به مأمورا به في الواقع. ومع التسليم نمنع كون الأمر الظاهري مفيدا للإجزاء كما قرّر في محلّه.