ونظير هذا التوهّم توهّم أنّ ما يأتي به الجاهل المركّب باعتقاد أنّه المأمور به ، من باب إتيان المأمور به بالأمر العقلي. وفساده يظهر ممّا ذكرنا بعينه.
وأمّا ما ذكره من أنّ دليل الجزء قد يكون من قبيل التكليف ، وهو ـ لاختصاصه بغير الغافل ـ لا يقيّد (*) الأمر بالكلّ إلّا بقدر مورده ، وهو غير الغافل ، فإطلاق الأمر بالكلّ المقتضي لعدم جزئيّة هذا الجزء له بالنسبة إلى الغافل بحاله ، ففيه : أنّ التكليف المذكور إن كان تكليفا نفسيّا ، فلا يدلّ على كون متعلّقه جزءا للمأمور به حتّى يقيّد به الأمر بالكلّ ، وإن كان تكليفا غيريّا فهو كاشف عن كون متعلّقه جزءا ؛ لأنّ الأمر الغيري إنّما يتعلّق بالمقدّمة ، وانتفائه بالنسبة إلى الغافل لا يدلّ على نفي جزئيّته في حقّه ؛ لأنّ الجزئيّة غير مسبّبة (١٧٦١) عنه بل هو مسبّب عنها.
______________________________________________________
١٧٦١. هذا واضح ، لأنّ وجوب الفعل للغير والأمر به لذلك يكشف عن أخذ هذا الفعل في الغير شطرا أو شرطا قبل تعلّق الأمر الغيري به ، فلا ينوط أخذه في الغير على أحد الوجهين على وجود الأمر ، فإذا انتفى الأمر لأجل النسيان تبقى الجزئيّة أو الشرطيّة بحالها.
لا يقال : إنّ انتفاء الأمر وإن لم يستلزم انتفاء الجزئيّة أو الشرطيّة ، إلّا أنّه لا يثبت حينئذ بقاء أحد الأمرين أيضا ، لاحتمال اختصاص جزئيّة المشكوك فيه أو شرطيّته بحال الالتفات.
لأنّا نقول : إنّ الجواب عن هذا قد ظهر ممّا أجاب به المصنّف رحمهالله عمّا أورده على نفسه ، لما حقّقه هناك من عدم تعقّل كون الباقي في حال النسيان مأمورا به بالأمر بالمركّب ولا بأمر آخر ، إلّا على وجه الإمضاء والرضا بالبدليّة الذي لا دليل عليه.
وهذا الجواب وإن كان آتيا في كلّ ما ثبتت الجزئيّة فيه بالإجماع أو بخطاب تكليفي ، إلّا أنّ المصنّف رحمهالله أشار هنا بقوله : «وأمّا ما ذكره من أنّ دلالة ...» إلى
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : إطلاق.