وبمثل ذلك يقال في دفع دعوى : جريان (١٨٣٥) الإيراد المذكور على تقدير تعلّق عدم السقوط بنفس الميسور لا بحكمه ، بأن يقال : إنّ سقوط المقدّمة لما كان لازما (*) لسقوط ذيها ، فالحكم بعدم الملازمة في الخبر لا بدّ أن يحمل على الأفعال المستقلّة في الوجوب ؛ لدفع توهّم السقوط الناشئ عن إيجابها بخطاب واحد.
______________________________________________________
١٨٣٥. تقريب هذه الدعوى : أنّه كما لو حملت الرواية على ما ذكره المورد من بيان نفي الملازمة بين سقوط حكم موضوع معسور وسقوط حكم موضوع ميسور ، كان معناها لغوا وتوضيحا للواضحات ، حيث لا يتوهّم أحد الملازمة بينهما ، فلا بدّ من حملها على دفع توهّم السقوط في الأحكام المستقلّة التي يجمعها دليل واحد ، كما هو مبنى الإيراد المذكور ، كذلك تلزم اللغويّة لو حملت على بيان عدم الملازمة بين سقوط نفس الفعل المعسور وسقوط الفعل الميسور ، كما هو مبنى الجواب الأوّل ، إذ كما أنّه لا يتوهّم أحد السقوط على ذلك المعنى ، كذلك لا يتوهّم أحد عدم السقوط على هذا المعنى ، حيث كان سقوط فعل المقدّمة لازما لسقوط فعل ذيها بالضرورة ، فلا بدّ أن تحمل الرواية على ما ذكر من دفع توهّم السقوط في الأحكام المستقلّة التي يجمعها دليل واحد ، فلا يدلّ على المدّعى على هذا المعنى أيضا.
ووجه الدفع : أنّ فعل المقدّمة وإن كان ساقطا عند سقوط ذيها ، إذ لا معنى لبقاء المقدّمة بوصف كونها مقدّمة في الذمّة بعد سقوط ذيها ، إلّا أنّ أهل العرف يزعمون كون الباقي من الأجزاء بعد تعسّر الكلّ هو الموجود عند التمكّن منه ، من دون التفات إلى أنّ الموجود عند التمكّن من الكلّ هي هذه الأجزاء من حيث كونها مقدّمة له ، والثابت بعد تعسّره هي هذه الأجزاء من حيث مطلوبيّتها في نفسها ، وحيث كان المقام مقام توهّم سقوط هذه الأجزاء الميسورة بسبب سقوط الكلّ لأجل تعسّره ، فدفع الإمام عليهالسلام هذا التوهّم ببيان عدم الملازمة بينهما.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : عقليّا.