والحكم فيما نحن فيه (١٨٦٧) : وجوب الإتيان بأحدهما وترك الآخر مخيّرا في ذلك ؛ لأنّ الموافقة الاحتماليّة في كلا التكليفين أولى من الموافقة القطعيّة في أحدهما مع المخالفة القطعيّة في الآخر ؛ ومنشأ ذلك أنّ الاحتياط لدفع الضرر المحتمل لا يحسن بارتكاب الضرر المقطوع ، والله أعلم.
______________________________________________________
أو وجوبه. وإن فرض ثبوت مثله في مورد فلا بدّ من حمله على كونهما من المتباينين بأخذ الأقلّ بشرط لا ، فتدبّر. ولذا أسقط الكلام فيه هنا ، وتعرّض له في المطلب الثاني.
١٨٦٧. اعلم أنّ في المقام وجوها أقواها ما اختاره المصنّف رحمهالله من التخيير بين فعل أحدهما وترك الآخر ابتداء. وأوسطها القول بالتخيير بينهما ابتداء واستدامة. وأزيفها وجهان :
أحدهما : التخيير بين فعلهما معا وتركهما كذلك ، بأن يفعلهما تحصيلا للقطع بالموافقة للوجوب الواقعي ، المعلوم إجمالا وإن لزم منه القطع بارتكاب الحرام الواقعي ، أو يتركهما تحصيلا للقطع بموافقة الحرام الواقعي ، وإن لزم منه القطع بترك الواجب الواقعي.
وثانيهما : القول بوجوب تركهما معا ، تغليبا لجانب الحرام كما ورد في الأخبار. مضافا إلى ما تقرّر في العقول من كون دفع المضرّة أولى من جلب المنفعة.
وفيه : أنّ ترك المصلحة الملزمة في الواجب أيضا مشتمل على المفسدة. هذا إن سلّمنا الأولويّة المذكورة ، وإلّا فالأمر أوضح. مع أنّ الظاهر أنّ من قال بالأولويّة المذكورة إنّما قال بها فيما كان كلّ واحدة من المفسدة والمصلحة محتملتين ، كما لو دار الأمر في فعل واحد بين كونه واجبا وحراما ، لا معلومين كما فيما نحن فيه ، وإلّا فلا أظنّ أحدا يقول بأولويّة دفع المفسدة هنا. ولكنّه كما ترى. ويرد على سابقه : أنّ ما ورد في الأخبار ـ مع تسليم صحّة سنده ـ هو تغليب جانب الحرمة على الإباحة دون الوجوب كما فيما نحن فيه.