وأمّا الثاني (١٨٩٦) ؛ فلوجود المقتضي ، وهو الخطاب الواقعي الدالّ على وجوب الشيء أو تحريمه ، ولا مانع منه عدا ما يتخيّل : من جهل المكلّف به وهو غير قابل للمنع عقلا ولا شرعا.
أمّا العقل ، فلا يقبح مؤاخذة الجاهل التارك للواجب إذا علم أنّ بناء الشارع على تبليغ الأحكام على النحو المعتاد المستلزم لاختفاء بعضها لبعض الدواعي ، وكان قادرا على إزالة الجهل عن نفسه.
وأمّا النقل (١٨٩٧) ، فقد تقدّم (١٨٩٨) عدم دلالته على ذلك ؛ فإنّ الظاهر منها ـ ولو بعد ملاحظة ما تقدّم من أدلّة الاحتياط ـ الاختصاص بالعاجز (١٨٩٩). مضافا إلى ما تقدّم في بعض الأخبار المتقدّمة في الوجه الثالث المؤيّدة بغيرها ، مثل رواية تيمّم عمّار المتضمّنة لتوبيخ النبيّ صلىاللهعليهوآله إيّاه بقوله : «أفلا صنعت كذا» (١٠).
وقد يستدلّ أيضا بالإجماع على مؤاخذة الكفّار على الفروع مع أنّهم جاهلون بها. وفيه : أنّ معقد (١٩٠٠) الإجماع تساوي الكفّار والمسلمين في التكليف بالفروع كالاصول ومؤاخذتهم عليها بالشروط المقرّرة للتكليف ، وهذا لا ينفي دعوى اشتراط العلم بالتكليف في حقّ المسلم والكافر.
وقد خالف فيما ذكرنا (١٩٠١) صاحب المدارك (١١) تبعا لشيخه المحقّق الأردبيلي (١٢) ؛ حيث جعلا عقاب الجاهل على ترك التعلّم بقبح تكليف الغافل وفهم منه بعض
______________________________________________________
١٨٩٦. يعني : ترتّب العقاب على مخالفة الواقع.
١٨٩٧. من أخبار البراءة.
١٨٩٨. في الوجه الثالث.
١٨٩٩. يعني : اختصاص النقل من أخبار البراءة بالعاجز عن معرفة الحكم بالفحص والسؤال.
١٩٠٠. فدعوى الإجماع على مؤاخذة الكفّار فرع دعواه على مؤاخذة المسلمين مع ترك الفحص ، فنفي مؤاخذة الكفّار لأجل دعوى اشتراط العلم في تنجّز التكليف لا ينافي دعوى الإجماع على المساواة.
١٩٠١. قال المقدّس الأردبيلي في شرح الإرشاد : «واعلم أيضا أنّ سبب