.................................................................................................
______________________________________________________
الإجماع المذكور ، وبقاء التنافي بين إجماعهم في مثال الحجّ واختلافهم في تلك المسألة. وهذا أيضا ظاهر المصنّف رحمهالله في مبحث الاستصحاب ، لأنّه مع استدلاله على تقديم الأصل في الشكّ السببى عليه في الشكّ المسبّب بالإجماع عليه في كثير من الموارد التي منها مثال الحجّ ، قد نقل كلماتهم المنافية له التي قد عرفت شطرا منها.
ولنرجع إلى توضيح ما ذكره المصنّف قدسسره فنقول : إنّ الشارع قد يرتّب حكما على موضوع ، ويجعل لهذا الموضوع شرائط وموانع ، ويحصل الشكّ في تحقّق هذا الحكم لأجل الشكّ في بعض موانع هذا الموضوع أو شرائطه ، كما في مثال الحجّ ، إذا حصل الشكّ في حصول الاستطاعة لأجل الشكّ في اشتغال الذمّة بدين مانع من حصول الاستطاعة الشرعيّة. وكذا في مثال الماء الملاقي للنجاسة إذا حصل الشكّ في نجاسته لأجل الشكّ في كرّيته. وقد يرتّب حكما على موضوع ، ويتردّد حكم هذا الموضوع عندنا بين حكمين ، كما إذا تردّد الأمر بين وجوب فعل وحرمته ، كالجهر ببسم الله في الصلوات الإخفاتيّة. وقد يتردّد الأمر في موضع الحكم بين أمرين ، كما في الإناءين المشتبهين والقصر والإتمام والظهر والجمعة.
وظاهر صاحب الوافية بقرينة الأمثلة التي ذكرها فرض التعارض بين الأصلين في المقامين ، نظرا في الأوّل إلى معارضة أصالة البراءة عن الدين أصالة عدم وجوب الحجّ ، وأصالة عدم الكرّية أصالة عدم التنجّس. وفي الثاني إلى معارضة أصالة البراءة عن وجوب الفعل أو عن حرمة أحد الإناءين أو عن وجوب القصر أو الظهر ، أصالة البراءة عن حرمة الفعل أو الإناء الآخر أو وجوب الإتمام أو الظهر.
وهو في الثاني متّجه ، لكون الشكّ المأخوذ في موضوع الأصلين فيه مسبّبا عن ثالث ، وهو العلم الإجمالي ، وحكمه التعارض أو عدم جريان الأصلين من رأسهما كما أسلفناه. وفي الأوّل ضعيف جدّا ، لكون الشكّ في وجوب الحجّ والتنجّس مسبّبا عن الشكّ في تعلّق الدين بالذمّة وعن الشكّ في الكرّية ، لكون الشكّ في وجوب الحجّ وكذا في تنجّس الملاقي مسبّبا عن الشكّ في تحقّق موضوعهما ،