.................................................................................................
______________________________________________________
الشرعيّ ، ولهذا لم يذكره الاصوليّون في الأدلّة الشرعيّة. وهذا يشترك فيه جميع أقسام الأصل المذكورة ، مثلا إذا كان أصالة براءة الذمّة مستلزمة لشغل الذمّة من جهة اخرى ، فحينئذ لا يصحّ الاستدلال بها».
ثمّ ساق الكلام في ذكر جملة من أمثلة أصالة البراءة وأصالة العدم ممّا كان إجرائهما فيه مستلزما لثبوت التكليف من جهة اخرى ، إلى أن قال : «وكذا في أصالة عدم تقدّم الحادث ، فيصحّ أن يقال في ماء وجد فيه نجاسة بعد الاستعمال ، ولم يعلم هل وقعت النجاسة قبل الاستعمال أو بعده؟ الأصل عدم تقدّم النجاسة ، فلا يجب غسل ما لاقى ذلك الماء قبل رؤية النجاسة. ولا يصحّ إذا كان شاغلا للذمّة ، كما إذا استعملنا ماء ثمّ ظهر أنّ هذا الماء كان قبل ذلك نجسا ، ثمّ طهر بإلقاء كرّ عليه دفعة ، ولم يعلم أنّ الاستعمال هل كان قبل تطهيره أو بعده؟ فلا يصحّ أن يقال : الأصل عدم تقدّم تطهيره ، فيجب إعادة غسل ما لاقى ذلك الماء في ذلك الاستعمال ، لأنّه إثبات حكم بلا دليل ، لأنّ حجّية الأصل في النفي باعتبار قبح تكليف الغافل ووجوب إعلام المكلّف بالتكليف ، فلذا يحكم ببراءة الذمّة عند عدم الدليل ، فلو ثبت حكم شرعيّ بالأصل يلزم إثبات حكم من غير دليل ، وهو باطل إجماعا» انتهى.
ثمّ إنّه بعد أن أورد شطرا من الكلام في البين قال : «اعلم أنّ لجواز التمسّك بأصالة براءة الذمّة وبأصالة العدم وبأصالة عدم تقدّم الحادث شروطا ، أحدها : ما مرّ من عدم استلزامه لثبوت حكم شرعيّ من جهة اخرى. وثانيها : أن لا يتضرّر بسبب التمسّك به مسلم ، وذكر في بيانه ما يقرب ممّا نقله المصنّف رحمهالله. وثالثها : أن لا يكون الأمر المتمسّك فيه بالأصل جزء عبادة مركّبة ، فلا يجوز التمسّك به لو وقع الاختلاف في الصلاة هل هي ركعتان أو أكثر أو أقلّ في نفي الزائد؟ وعلى هذا القياس ، بل كلّ نصّ بيّن فيه أجزاء ذلك المركّب كان دالا على عدم جزئيّة ما لم يذكر فيه ، فيكون نفي ذلك المختلف فيه حينئذ منصوصا لا معلوما بالأصل ، كما