المطلب الثاني : في اشتباه الواجب بغير الحرام وهو على قسمين ؛ لأنّ الواجب إمّا مردّد بين أمرين متنافيين (*) ، كما إذا تردّد الأمر بين وجوب الظهر والجمعة في يوم الجمعة ، وبين القصر والإتمام في بعض المسائل. وإمّا مردّد بين الأقلّ والأكثر ، كما إذا تردّدت الصلاة الواجبة بين ذات السورة وفاقدتها ؛ للشكّ في كون السورة جزءا. وليس المثالان الاوّلان من الأقلّ والأكثر ، كما لا يخفى.
واعلم أنّا لم نذكر (١٥٩٩) في الشبهة التحريميّة من الشكّ في المكلّف به صور
______________________________________________________
١٥٩٩. لا يذهب عليك أنّ المراد بالأقلّ والأكثر في هذا المطلب ـ أعني : اشتباه الواجب بغير الحرام من مطالب الشكّ في المكلّف به ـ هو الأقلّ والأكثر الارتباطيّان خاصّة ، مثل الشكّ في الأجزاء والشرائط من العبادات. وأمّا الاستقلاليّان ، كقضاء الفوائت المردّدة بين الأقلّ والأكثر ، والدين المردّد بينهما ، فداخلان في الشكّ في التكليف ، لانحلال العلم الإجمالي حينئذ على علم تفصيلي ، وهو العلم بوجوب الأقلّ ، وشكّ بدويّ ، وهو الشكّ في وجوب الزائد على الأقلّ ، ولذا أدرج المصنّف رحمهالله هذا القسم في مسائل الشكّ في التكليف. وكذلك المراد بالأقلّ والأكثر في قوله : «لم نذكر في الشبهة التحريمية من الشكّ في المكلّف به صورة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ....» هو الارتباطيّان دون الاستقلاليّين ، بدليل قوله : «لأنّ الأكثر معلوم الحرمة ...» لأنّ العلم بحرمة الأكثر إنّما هو في
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «متنافيين» ، متباينين.