وحيث جرى ذكر حديث «نفي الضرر والضرار» ناسب بسط الكلام في ذلك في الجملة ، فنقول : قد ادّعى فخر الدين (١٩٧٥) في الايضاح في باب الرهن تواتر الأخبار على نفي الضرر والضرار ، فلا نتعرّض من الأخبار
______________________________________________________
١٩٧٥. قد اعترف المصنّف رحمهالله في بعض رسائله المفردة لهذه القاعدة بعدم عثوره في الايضاح بهذه الدعوى من الفخر ، ولكنّي وجدتها في أواخر باب الرهن في مسألة إقرار الراهن بعتق العبد المرهون قبل الرهن ، قال : «وثالثها : العتق ، فنقول : يجب عليه فكّ الرهن بأداء الدين ، فإذا تعذّر وبيع في الدين وجب افتكاكه ، فإن بذله للمشتري بقيمته أو أقلّ وجب فكّه ، ولو بذله بالأزيد ولو بأضعاف قيمته فالأصحّ وجوب فكّه عليه ، لوجوب تخليص الحرّ ، فإنّه لا عوض له إلّا التخليص ، ولا يمكن إلّا بالأزيد من القيمة ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب. واحتمال عدمه ـ لإمكان استلزامه الضّرر ، بأن يحيط بمال الراهن ، والضرر منفي بالحديث المتواتر ـ ضعيف ، ولا وجه له عندي» انتهى ، فتدبّر.
وقد جمع في أواخر كتاب المعيشة من الكافي بابا لهذه القاعدة ، وكثرة الأخبار الواردة فيها أغنت عن ملاحظة سندها ، وتمييز صحيحها عن ضعيفها ، وسليمها عن سقيمها ، فلا وجه لرميها بالضعف في أخبارها كما صدر عن بعضهم. نعم ، لا بدّ حينئذ من إيراد الكلام في دلالتها ، وفي مقدار مدلولها ، وفي ملاحظة معارضها ، إذ لا بدّ في تأسيس كلّ قاعدة من الكلام فيه من جهات : من جهة الإثبات ، ومن جهة دلالة الدليل المثبت لها ، ومن جهة معارضاتها.