تشريع الضرر ، بمعنى أنّ الشارع لم يشرّع حكما يلزم منه ضرر على أحد ، تكليفيّا كان أو وضعيّا ، فلزوم البيع مع الغبن حكم يلزم منه ضرر على المغبون فينتفي بالخبر ، وكذلك لزوم البيع من غير شفعة للشريك ، وكذلك وجوب الوضوء على من لا يجد الماء إلّا بثمن كثير ، وكذلك سلطنة المالك على الدخول إلى عذقه وإباحته له من دون استئذان من الأنصاري ، وكذلك حرمة الترافع إلى حكّام الجور إذا توقّف أخذ الحقّ عليه.
ومنه : براءة ذمّة الضارّ من تدارك ما أدخله من الضرر ، إذ كما أنّ تشريع حكم يحدث معه الضرر منفي بالخبر ، كذلك تشريع ما يبقى معه الضرر الحادث ، بل يجب أن يكون الحكم المشروع في تلك الواقعة على وجه يتدارك ذلك الضرر كأن لم يحدث ، إلّا أنّه قد ينافي هذا قوله : «لا ضرار» ، بناء على أنّ معنى الضرار المجازاة على الضرر. وكذا لو كان بمعنى المضارّة التي هي من فعل الاثنين ؛ لأنّ فعل البادئ منهما (١٩٨٢) ضرر قد نفي بالفقرة الاولى ، فالضرار المنفي بالفقرة الثانية إنّما يحصل
______________________________________________________
يكون مقرونا بحكم الشارع بالضمان ، وكذلك تمليك المغبون ماله من غيره بإزاء ما دونه في القيمة من دون جبرانه بالخيار ، وهكذا.
ويردّ عليه أوّلا : أنّه مجاز فلا يصار إليه بلا دليل.
وثانيا : منع صحّة التنزيل بمجرّد حكم الشارع بالتدارك ، إذ التنزيل إنّما يصحّ مع التدارك فعلا لا بمجرّد الحكم به ، فتأمّل.
وثالثا : أنّ الفقهاء ربّما يتمسّكون بقاعدة الضرر في نفي وجوب الوضوء مع الضرر في استعمال الماء ، وفي نفي وجوب الحجّ مع العلم أو الظنّ بالضرر في الطريق ونحوهما ، مع عدم تحقّق الجبران في أمثالهما على تقدير وقوع التكليف. وبالجملة ، إنّ الفقهاء لم يفرّقوا في موارد القاعدة بين الضرر العائد إلى نفس المكلّف وغيره.
ورابعا : أنّ لفظ «في» ظاهر في معنى الظرفيّة. وعلى هذا المعنى لا بدّ أن يجعل بمعنى السببيّة ، إذ الإسلام عبارة عن نفس أحكام الشرع ، ولا معنى لنفي الضرر غير المتدارك في الإسلام إلّا بجعل لفظ «في» بمعنى السببيّة كما لا يخفى.
١٩٨٢. أي : الأوّل منهما. وفي بعض النسخ «الثاني» بدل البادئ ، والصحيح