ثمّ إنّ هذه القاعدة حاكمة (١٩٨٤) على جميع العمومات الدالّة بعمومها على تشريع الحكم الضرري ، كأدلّة لزوم العقود وسلطنة الناس على أموالهم ووجوب
______________________________________________________
١٩٨٤. اعلم أنّا قد أشرنا سابقا إلى أنّ الكلام في تأسيس كلّ قاعدة يقع تارة من حيث بيان الدليل المثبت لها ، واخرى من حيث دلالتها ومقدارها ، وثالثة من حيث المعارض وعدمه. وقد أشار المصنّف رحمهالله إلى الأوّلين ، وأراد أن يشير إلى الثالث هنا.
وليعلم أنّه ليس في الكتاب والسنّة ما يعارض هذه القاعدة كلّية ، بأن يدلّ على عدم نفي الضرر في الأحكام عموما. نعم ، قد يدلّ دليل خاصّ على ثبوت حكم خاصّ في مورد الضرر فيكون هذا الدليل مخصّصا لعموم القاعدة. وقد تكون العمومات مثبتة للحكم على وجه العموم ، فتشمل موارد الضرر أيضا فيقع التعارض بينها وبين هذه القاعدة بالعموم من وجه. وقد اختلف كلماتهم في تقديم هذه القاعدة أو ملاحظة المرجّحات ، واختار المصنّف رحمهالله الأوّل بدعوى حكومة هذه القاعدة عليها.
وإن شئت زيادة توضيح لذلك نقول : إنّك قد عرفت ممّا ذكرناه وذكره المصنّف رحمهالله أنّ هذه القاعدة ممّا استفاضت بها الأخبار ، بل ادّعى الفخر تواترها ، وهي المناسبة للملّة السمحة السهلة إلّا أنّ الإشكال في أنّها من قبيل الاصول فتعتبر حيث لا دليل على خلافها عموما وخصوصا ، حتّى يقال : إنّ الأصل عدم هذا الحكم الضرري إلّا أن يثبت خلافه بدليل خاصّ أو عامّ ، ليكون جميع العمومات مقدّما عليها ، أو هي من قبيل الأدلّة. وعليه فهل هي من قبيل الأدلّة اللفظيّة أو العقليّة؟ وعلى الأوّل فهل هي فائقة على سائر العمومات أو في عرضها؟ حتّى يلتمس الترجيح عند معارضتها معها ، وجوه.
أمّا الأوّل فهو لازم كلّ من قال بتدارك الضرر المرتّب على العمل بالحكم الشرعيّ بالمثوبة الاخرويّة أو غيرها ، بمعنى عدم تحقق موضوع الضرر حينئذ ، كما