.................................................................................................
______________________________________________________
يظهر من صاحبي العوائد والعناوين ، لأنّ أدلّة الأحكام إمّا مثبتة لنفس الحكم الضرري ، كأوامر الزكاة والخمس والجهاد ، أو ما يشمل ذلك ، كالأمر بالوضوء الشامل لصورة استلزام استعمال الماء للضرر. وعلى أيّ تقدير ، فالأمر يكشف عن وجود مصلحة في موارده فائقة على الضرر الحاصل منه ، إذ الأوامر كالنواهي لا بدّ من أن تنشأ من وجود مصلحة في متعلّقها ، سوى المثوبة الحاصلة من إطاعتها وامتثالها. فكلّ مورد ضرري يشمله الدليل خصوصا أو عموما أو إطلاقا لا تشمله أدلّة نفي الضرر. فيختصّ مورد هذه القاعدة ـ كموارد الاصول العمليّة ـ بموارد عدم وجود الدليل عليها.
ومن هنا يظهر فساد فرض التعارض بين هذه القاعدة على هذا التقدير ـ أعني : تقدير تسليم تدارك الضرر بالمثوبة الاخرويّة ـ وبين عمومات التكليف ، على ما عرفته من صاحبي العوائد والعناوين.
وحاصل ما ذكره بعد التصريح بعدم تحقّق موضوع الضرر فيما كان في مقابله نفع آجل أو عاجل : «أنّ كلّ ما ورد في الشرع من الأحكام بعد وجود النفع الاخروي في الجميع ، بل النفع الدنيوي من دفع بليّة وحفظ مال وزيادة نعمة ، كما هو مقتضى الآيات والأخبار في الزكاة والصدقة ونظائرها ، لا يعدّ ضررا حقيقة ، وذلك واضح. بل ذلك في الحقيقة نفع ، لأنّ ما يصل إلى المكلّف بذلك من الخير أضعاف ما أصابه من النقص ظاهرا. وما ورد من مثل القصاص ونحوه فإنّما هو جبر لما وقع من الضرر. وكذلك الدية ونحوها على ما قرره الشارع الحكيم. وكلّ ما فيه تحمّل المنقصة مقابل بمثوبة لا يخفى على من اعتقد بوعد الحقّ ، فلا ينتقض بورود ما هو ضرر في الشريعة. ولا يلزم من ذلك عدم إمكان معارضة دليل بقاعدة الضرر ، نظرا إلى كشفه عن نفع دنيوي أو اخروي ، إذ الأصل عدم تحقّق ذلك ، والفرض أنّ كونه ضررا في الظاهر مقطوع به ، ومقابلته بالنفع محتملة فيما لم يقم دليل قويّ محكم دالّ على ثبوته. فإذا تعارض مثلا دليل دالّ على ثبوت