.................................................................................................
______________________________________________________
ضرر مع دليل نفيه بالعموم من وجه ، لا يعلم من ذلك تخصيص أحد الدليلين بالآخر حتّى يعلم أنّه ليس من الضرر ، فلا بدّ من دليل راجح مخصّص لذلك حتّى نعرف أنّه خارج من هذا الموضوع ، فتدبّر جدّا.
وتوضيحه : أنّ الدليل المثبت على قسمين : قسم دالّ على نفس الضرر كالزكاة والحجّ ونحوهما ، ولا ريب أنّه بعد دلالة الدليل على ذلك نعرف أنّه ليس بضرر. وقسم ليس كذلك ، فإنّ دليل وجوب الحجّ والتوضّؤ يشمل ما لو كان فيه ضرر بدني مثلا ، ولا يمكن أن يقال : إنّه ليس بضرر ، إذ ما ثبت من الدليل العوض على الوضوء والحجّ ، لا على المضارّ الأخر الموجودة في ضمنهما ، ووجود المقابل للطبيعة لا يرفع الضرر في اللواحق. وقس على ذلك ما يرد عليك من نظائر ما دفعناه بقاعدة الضرر» انتهى محصّل ما ذكراه.
ووجه الفساد يظهر ممّا أسلفناه ، لأنّ تسليم شمول أدلّة وجوب التوضّؤ والحجّ بعمومها لما فيه الضرر البدني مثلا ، لا يجامع دفع ما يتدارك به الضرر الحاصل منهما بالأصل بإزاء الضرر الحاصل منهما. ولا وجه لدعوى كون النفع العائد منهما محتملا ، إذ مع تسليم شمول عموم الأدلّة لصورة الضرر ، فهو يكشف عن وجود مصلحة في الفعل يتدارك بها الضرر الحاصل به ، سوى المثوبة الحاصلة بالإطاعة ، كيف لا ولو فرض أمر الشارع بخصوص من يتضرّر باستعمال الماء بالتوضّؤ فلا ريب في عدم قبحه ، لكشف الأمر عن وجود مصلحة فائقة على الضرر الحاصل منه. ولا شكّ في عدم الفرق بين الأمر بعموم ما يشمل مورد الضرر ، وبخصوص الفعل المتضمّن له فيما ذكرناه.
وهنا وجه آخر لكون هذه القاعدة من قبيل الاصول دون الأدلّة ، ذكره المحقّق القمّي رحمهالله ، قال فيما حكي عنه : «أنّه تعالى لا يرضى بإضرار بعض عباده بعضا ، ولا يفعل ما يضرّ بعباده ، ويجوز لمن تضرّر دفع الضرر عن نفسه. فالمراد بنفي الضرر نفي ما هو زائد على ما هو لازم لطبائع التكاليف الثابتة بالنسبة إلى