وجوب الأمر المردّد ثابت في الواقع ، والأمر به على وجه يعمّ العالم والجاهل صادر عن الشارع واصل إلى من علم به تفصيلا ؛ إذ ليس موضوع الوجوب في الأوامر مختصّا بالعالم بها وإلّا لزم الدور كما ذكره العلّامة رحمهالله في التحرير ، لأنّ العلم بالوجوب موقوف على الوجوب ، فكيف يتوقّف الوجوب عليه؟ وأمّا المانع ؛ فلأنّ المتصوّر منه ليس إلّا الجهل التفصيلي بالواجب ، وهو غير مانع عقلا ولا نقلا.
أمّا العقل ؛ فلأنّ حكمه بالعذر إن كان من جهة عجز الجاهل عن الإتيان
______________________________________________________
موضوعه بالعلم.
الثالث : لزوم الدور ، كما نقله المصنّف رحمهالله عن الفاضل.
الرابع : لزوم جواز المخالفة القطعيّة ، لفرض عدم وجود حكم واقعي في حقّ الجاهل ، والمفروض الفراغ من بطلانه ، فلا وجه للقول بالتخيير حينئذ كما هو محلّ الكلام.
ويرد على الثاني ، أمّا على دعوى عدم التمكّن من الامتثال فإنّها ممّا يكذّبه إمكان الاحتياط ، بل حسنه عقلا وشرعا ، كيف لا ولو صرّح الشارع بأنّي إذا أمرتكم بشيء واشتبه عليكم هذا الشيء وتردّد بين أمرين أوجبت عليكم أن تحصّلوا مرادي ولو بالاحتياط ، لا تلزم عليه غائلة أصلا. مضافا إلى ما نقله المصنّف رحمهالله من اعتراف الخصم بجواز تكليف الجاهل في الجملة. وأمّا على دعوى قبح الخطاب ، فإنّها أضعف من سابقها ، كما أوضحه المصنّف رحمهالله.
وأمّا على دعوى دوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، فلعدم تأتّي احتمال التشريع مع إتيان الفعل بعنوان الاحتياط إلّا على الوجه الذي سيشير المصنّف رحمهالله إليه وإلى دفعه.
وأمّا على دعوى عدم تحقّق الجزم بالنيّة ، فلمنع وجوبه فيما لا يتمكّن المكلّف من معرفة المكلّف به تعيينا. مضافا إلى إمكانه في المقام بقصد الوجوب الظاهري بكلّ من المشتبهين ، لكن يشير المصنّف رحمهالله إلى ضعف هذا الوجه. وسيجيء تحقيق ما يتعلّق بالمقام. وأمّا عدم المنع شرعا فلما أوضحه المصنّف رحمهالله كما لا يخفى.