بالواقع ـ حتّى يرجع الجهل إلى فقد شرط (١٦٠٣) من شروط وجود المأمور به ـ فلا استقلال للعقل بذلك ، كما يشهد به جواز التكليف بالمجمل في الجملة (١٦٠٤) ، كما اعترف به غير واحد ممّن قال بالبراءة فيما نحن فيه ، كما سيأتي.
وإن كان من جهة كونه غير قابل لتوجّه (*) التكليف إليه فهو أشدّ منعا ؛ وإلّا لجاز إهمال المعلوم إجمالا رأسا بالمخالفة القطعيّة ؛ فلا وجه لالتزام حرمة المخالفة القطعيّة. ولقبح (١٦٠٥) عقاب الجاهل المقصّر على ترك الواجبات الواقعيّة (١٦٠٦) وفعل المحرّمات ، كما هو المشهور.
ودعوى أنّ مرادهم (١٦٠٧) تكليف الجاهل في حال الجهل برفع الجهل والإتيان بالواقع ، نظير تكليف الجنب بالصلاة حال الجنابة ، لا التكليف بإتيانه مع وصف الجهل ؛ فلا تنافي بين كون الجهل مانعا (١٦٠٨) وبين التكليف في حاله (١٦٠٩) ، وإنّما الكلام في تكليف الجاهل مع وصف الجهل ؛ لأنّ المفروض فيما نحن فيه عجزه عن تحصيل العلم. مدفوعة برجوعها حينئذ إلى ما تقدّم من دعوى كون عدم الجهل من شروط وجود المأمور به نظير الجنابة ، وقد تقدّم بطلانها (١٦١٠).
______________________________________________________
١٦٠٣. بأن كان عدم الجهل من شرائط وجود المأمور به ، كما سيصرّح به.
١٦٠٤. بأن لم يكن الخطاب مجملا من رأس.
١٦٠٥. على صيغة الماضي عطفا على قوله «لجاز».
١٦٠٦. بل في اصول العقائد أيضا.
١٦٠٧. أي : مراد المشهور بتكليف الجاهل وعدم قبح عقابه.
١٦٠٨. كما فيما نحن فيه. وعدم الأمر بإزالة الجهل فيما نحن فيه إنّما هو لعدم إمكانه كما هو الفرض.
١٦٠٩. كما في الجاهل المقصّر.
١٦١٠. من عدم استقلال العقل بالعذر حينئذ.
__________________
(*) في بعض النسخ : لتوجيه.