وأمّا النقل ، فليس فيه ما يدلّ على العذر ؛ لأنّ أدلّة البراءة غير جارية في المقام ؛ لاستلزام إجرائها (١٦١١) جواز المخالفة القطعيّة ، والكلام بعد فرض حرمتها ، بل في بعض الأخبار ما يدلّ على وجوب الاحتياط ، مثل صحيحة عبد الرحمن (١٦١٢) المتقدّمة في جزاء الصيد : «إذا أصبتم مثل هذا ولم تدروا ، فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه فتعلموا» وغيرها.
______________________________________________________
١٦١١. قد أوضحه في الشبهة المحصورة. وسيشير إليه أيضا في الجواب عمّا أورده على نفسه.
١٦١٢. تقريب الاستدلال بها : أنّ موردها وإن كان مباينا لمحلّ النزاع ، لأنّ ما نحن فيه من قبيل المتباينين ، وموردها من قبيل الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ، بناء على ما هو ظاهر الفقهاء من كون الكفّارات من قبيل الديون في كون كلّ مقدار مجزيا عن التكليف المتعلّق به ، إلّا أنّه يمكن إثبات المطلوب بها من وجوه :
أحدها : الإجماع المركّب ، إذ لا مفصّل بين المتباينين والأقلّ والأكثر ، لأنّ كلّ من قال بوجوب الاحتياط في الثاني قال به في الأوّل أيضا.
وثانيها : طريق الأولويّة ، وهو واضح.
وثالثها : أنّ قوله عليهالسلام : «بمثل هذا» يعطي وجوب الاحتياط في جميع موارد العلم الإجمالي كما هو قضيّة المماثلة.
هذا ويرد على الأوّلين : أنّ الإجماع والأولويّة إنّما يتمّان لو قلنا بوجوب الاحتياط في الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ، وهو خلاف مختار المصنّف رحمهالله ، كما تقدّم في أقسام الشكّ في التكليف. وعلى الثالث : مع تسليم كون المراد بالمماثلة هي المماثلة في مطلق العلم الإجمالي ، وقد تقدّم الكلام فيه عند الكلام على أدلّة الاحتياط في الشبهة البدويّة التحريميّة ، أنّ المفروض في مورد الرواية تمكّن المكلّف من تحصيل العلم التفصيلي بالتكليف ، ولا إشكال في وجوب الاحتياط في مثله ، ولو مع كون الشبهة فيه بدويّة فضلا عن غيرها ، فكيف يتسرّى الحكم إلى موارد