فإن قلت : إنّ تجويز (١٦١٣) الشارع لترك أحد المحتملين والاكتفاء بالآخر يكشف عن عدم كون العلم الإجمالي علّة تامّة لوجوب الإطاعة (*) ، كما أنّ عدم تجويز الشارع للمخالفة مع العلم التفصيلي دليل على كون العلم التفصيلي علّة تامّة لوجوب الإطاعة ، وحينئذ فلا ملازمة بين العلم الإجمالي ووجوب الإطاعة ، فيحتاج إثبات الوجوب إلى دليل آخر غير العلم الإجمالي ، وحيث كان مفقودا فأصل البراءة يقتضي عدم وجوب الجمع وقبح العقاب على تركه ؛ لعدم البيان. نعم ، لما
______________________________________________________
عدم التمكّن كما هو الفرض؟
ثمّ إنّه يمكن أن يستدلّ على المختار أيضا باستصحاب الشغل ، وعدم الخروج من عهدة التكليف بالإتيان بأحد المشتبهين. وسيأتي الكلام فيه عند شرح ما يتعلّق بكلام المصنّف رحمهالله. وكذا بالإجماع على الاشتراك في التكليف ، إذ لا ريب في كون المشافهين مكلّفين في مثال الظهر والجمعة مثلا بخصوص إحداها ، ولا يحصل العلم للغائبين بالخروج من عهدة هذا التكليف ـ الذي طرأ عليه الاشتباه في الأزمنة المتأخّرة ـ إلّا بالاحتياط. وفيه : أنّ الاشتراك في التكليف إنّما هو مع العلم باتّحاد الصنف ، ولعلّ العلم التفصيلي بالمكلّف به له مدخل في اتّحاد صنف الحاضر والغائب ، والفرض فقده في محلّ الفرض.
١٦١٣. هذا أحد الوجوه التي يمكن أن يستدلّ بها على القول بالتخيير. وثانيها : أصالة البراءة ، كما سيشير إليه ، وسيأتي الكلام في تقريبها وتزييفها. وثالثها : استلزام القول بوجوب الاحتياط للتشريع المحرّم ، وسيشير إليه أيضا.
والمراد بتجويز الشارع تجويزه في بعض الموارد الخاصّة التي ثبت فيها التخيير عقلا ، كما في موارد دوران الأمر بين المحذورين ، أو شرعا كما في موارد تعارض النصّين ، إذ لا ريب في شمول الأخبار الواردة في تعارضهما لصورة العلم الإجمالي أيضا.
وحاصل هذا السؤال أنّ العلم الإجمالي لو كان علّة تامّة لتنجّز التكليف
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : حينئذ.