.................................................................................................
______________________________________________________
في الواجب كما في محلّ الفرض ، فالعقاب المرتّب على مخالفة التكليف الثابت هنا في الجملة لا يخلو : إمّا أن يكون مرتّبا على مخالفة كلّ من المشتبهين صادف الواقع أم لا ، أو على الأمر الدائر بينهما ، أو على مخالفة الواقع المتعيّن عند الشارع المجهول عندنا.
والأوّل لا يقول به القائل بوجوب الاحتياط أيضا ، لأنّه إنّما يقول ـ على تقدير ترك الاحتياط ـ بترتّب العقاب عليه على تقدير مصادفة المتروك للواقع ، لوضوح عدم مطلوبيّة الاحتياط إلّا لأجل التوصّل به إلى الواقع ، فالعقاب عند القائل بوجوب الاحتياط إنّما هو على ترك الواقع دونه. وقد حقّق المصنّف رحمهالله ذلك في مسائل الشكّ في التكليف.
والثاني ليس عنوانا يتعلّق به التكليف ويعاقب على مخالفته. والثالث قبيح عقلا ، إذ لا أثر للعلم الإجمالي هنا ، لأنّه إنّما يؤثّر مع العلم بعنوان التكليف ووقوع الشبهة في بعض مصاديقه المردّد بين الأمرين كما في الشبهة المحصورة ، وإلّا فالعقاب على مخالفة الواقع فيما نحن فيه مستلزم للعقاب على التكليف المجهول ، وهو قبيح عقلا. فالقدر المسلّم من التكليف المرتّب على مخالفته العقاب هنا هو عدم جواز ترك مجموع الأمرين ، لا كلّ واحد منهما.
وتوهّم عدم وجود القائل بالبراءة هنا سوى ما حكاه المصنّف رحمهالله عن المحقّق الخوانساري والقمّي رحمهالله ضعيف جدّا ، لأنّا لم نجد مصرّحا بوجوب الاحتياط هنا فضلا عن أن يكون مشهورا بين الأصحاب ، بل ظاهر إطلاقهم القول بالبراءة في غير موضع هو القول بالبراءة هنا أيضا. فلاحظ كلام السيّد في مبحث حجيّة أخبار الآحاد حيث أورد على نفسه قائلا ـ على ما حكاه عنه في المعالم ـ : إذا سددتم طريق العمل بالأخبار فعلى أيّ شيء تعوّلون في الفقه كلّه؟ وأجاب بما حاصله : أنّ معظم الفقه يعلم بالضرورة من مذاهب أئمّتنا فيه بالأخبار المتواترة ، وما لم يتحقّق ذلك فيه ـ ولعلّه الأقلّ ـ يعوّل فيه على إجماع الإماميّة. ثمّ ذكر كلاما