وعلى ما ذكرنا فلو (١٦٥١) ترك المصلّي المتحيّر في القبلة أو الناسي لفائتة جميع المحتملات لم يستحقّ إلّا عقابا واحدا ، وكذا لو ترك أحد المحتملات واتّفق مصادفته للواجب الواقعي ، ولو لم يصادف لم يستحقّ عقابا من جهة مخالفة الأمر به ، نعم قد يقال باستحقاقه العقاب من جهة التجرّي. وتمام الكلام فيه قد تقدّم.
______________________________________________________
ما ثبت من الأخبار ـ مثل قوله عليهالسلام : «نيّة السوء لا تكتب» ونحوه ـ هو العفو عنها ، لا عدم الاستحقاق أصلا. ومع التسليم يمكن أن يقال : إنّ القدر المتيقّن منها هو العفو عنها مع عدم إيجاد بعض مقدّمات الحرام لا معه ، والفرض فيما نحن فيه إيجاد المكلّف بعض مقدّمات الحرام الذي هو ترك الواجب الواقعي. مع أنّ لنا أن نمنع من ثبوت العفو مطلقا ، ولذا حكي عن الحلّي وصاحب المدارك الإجماع على قبح إرادة القبيح ، فالقدر المتيقّن ما لو نوى المعصية ثمّ رجع وتاب عنها ، لا مع الاستمرار على نيّتها. ولذا قد ورد في الأخبار تعليل خلود الكفّار في النار بعزمهم على الكفر ما داموا أحياء ، وبه يجمع بينه وبين ما دلّ على العفو مطلقا.
ولكنّك خبير بأنّ المناط في استحقاق العقاب عند العقل هو ارتكاب نفس الحرام أو ترك نفس الواجب من دون مدخليّة للمقدّمات في ذلك أصلا ، بل قد قرّرنا في مبحث المقدّمة عدم تعقّل ترتّب العقاب على مخالفة الواجبات الغيريّة أو مدخليّتها في ذلك. وقولنا : «مع أنّ لنا أن نمنع» فيه أنّ استحقاق العقاب مع استمرار النيّة غير مضرّ فيما نحن فيه ، بعد فرض عدم مدخليّة إيجاد بعض المقدّمات فيه ، لأن المقصود في المقام عدم استحقاق العقاب بترك الصلاة إلى بعض الجهات ، وإن فرض استحقاقه لأجل استمراره على العزم بترك بعض محتملات الواجب ، والفرق بينهما واضح ، لعدم استلزام الثاني حرمة ترك بعض المحتملات من حيث هو كما هو المدّعى.
١٦٥١. قد ذكرنا تحقيق هذا المطلب في مبحث المقدّمة ، وبيّنّا هناك عدم تعقّل ترتّب العقاب على الواجبات الغيريّة ، سواء كانت سواء كانت تبعيّة أو أصليّة. نعم ، قد