الخامس : لو فرض محتملات الواجب غير محصورة لم يسقط الامتثال (١٦٥٣) في الواجب المردّد باعتبار شرطه كالصلاة إلى القبلة المجهولة وشبهها قطعا ؛ إذ غاية الأمر سقوط الشرط ، فلا وجه لترك المشروط رأسا. وأمّا في غيره ممّا كان نفس الواجب مردّدا ، فالظاهر أيضا عدم سقوطه ولو قلنا بجواز ارتكاب الكلّ في الشبهة الغير المحصورة ؛ لأنّ فعل الحرام لا يعلم هناك (١٦٥٤) به إلّا بعد الارتكاب ، بخلاف ترك الكلّ هنا ، فإنّه يعلم به مخالفة الواجب الواقعي حين المخالفة.
وهل يجوز الاقتصار (١٦٥٥) على واحد ـ إذ به يندفع محذور المخالفة ـ أم
______________________________________________________
فيها وعرض الشكّ بعده ، وبنى على السؤال بعد الفراغ منها على ما عرفت في الجاهل القاصر ، أمكن القول بالصحّة حينئذ كما لا يخفى.
١٦٥٣. لأنّ مقتضى الشرطيّة وإن كان سقوط المشروط مع سقوط الشرط ، إلّا أنّ قاعدة «الميسور لا يسقط بالمعسور» و «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» حاكمة عليه ، بناء على تأتّيها في المركّبات العقليّة.
١٦٥٤. حاصله : أنّا لو قلنا بعدم كون العلم الإجمالي منجّزا للتكليف بالواقع في الشبهة غير المحصورة في نظر العقلاء ، فإنّما هو من جهة عدم حصول العلم بارتكاب الحرام حين الارتكاب مع عدم حصر الشبهة ، لأنّه إنّما يعلم به بعد ارتكاب الجميع تدريجا ، فحين ارتكاب كلّ بعض من المشتبهات يحتمل كون الحرام هو الباقي أو المأتيّ به. وهذا الوجه غير جار فيما كانت الشبهة وجوبيّة ، للقطع بترك الواجب الواقعي في آن ترك جميع المحتملات.
١٦٥٥. لا يذهب عليك أنّ عنوان الكلام في المقام وإن اختصّ بغير المحصور ، إلّا أنّه يشاركه المحصور أيضا في الحكم إذا قلنا بعدم وجوب الموافقة القطعيّة فيه أيضا ، فلا بدّ من تعميم النزاع في المقام لهما. ولا بدّ قبل الأخذ في المطلوب من بيان أمر ، وهو أنّ الخلاف في وجوب الميسور من المشتبهات وعدمه إنّما هو فيما لم يبق مقتض لوجوب الاحتياط في المشتبهات الميسورة ، بعد عدم وجوب الاحتياط