.................................................................................................
______________________________________________________
الواقع على ما هو عليه. ولا يتأتّى هنا التفصيل المتقدّم في القسم الثاني بين الرخصة في البعض المعيّن وغيره ، لأنّ رخصة الشارع ابتداء في ترك بعض المقدّمات العلميّة ـ معيّنا كان أو غير معيّن ـ دليل عرفا على عدم إرادته للواقع ، بخلاف ما لو كانت الرخصة بسبب من المكلّف بالفتح على ما عرفت. وأمّا احتمال (*) وجوب الاحتياط بالإتيان بمرتبة معيّنة من المحتملات ، كالصلاة إلى أربع جهات أو أقلّ منها ، فالأصل ينفيه كما عرفته في القسم الأوّل ، غاية الأمر حرمة المخالفة القطعيّة في المثال المتقدّم للإجماع ، فيقتصر فيه على الإتيان بصلاة واحدة خروجا من مخالفة الإجماع ، ولا دليل على ما زاد عليه.
فإن قلت : إذا دخل الوقت وتمكّن المكلّف من الصلاة إلى القبلة مع معرفتها تفصيلا ، ثمّ اشتبهت عليه القبلة وعجز عن الصلاة إلى بعض جهاتها معيّنة أو غير معيّنة لمرض أو غيره ، فمقتضى استصحاب الشغل أو بقاء الأمر الأوّل المنجّز في حال التمكّن هو وجوب الاحتياط الكلّي ، وما دلّ على عدم وجوب ذلك لا ينفي وجوب ما أمكن من المحتملات ، فيجب الاحتياط بما لم ينعقد الإجماع على خلافه ، كالصلوات الأربع في المثال المتقدّم ، استصحابا لما ثبت أوّلا إلى أن يثبت الرافع ، وهو في المثال المتقدّم هي الصلاة إلى أربع جهات دون الأقلّ منها ، وإذا ثبت وجوب الاحتياط هنا ثبت فيما هو اشتبه الواجب فيه من أوّل الأمر بالإجماع المركّب.
لا يقال : يمكن قلب الإجماع ، لأنّه إذا ثبت عدم وجوب الاحتياط فيما اشتبه الواجب فيه من أوّل الأمر ، ثبت في غيره أيضا بالإجماع المركّب.
لأنّا نقول : ضميمة الإجماع في الصورة الاولى ـ وهي الاستصحاب ـ أقوى من ضميمته في الثانية ، وهي أصالة البراءة.
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «بعد عدم وجوب الاحتياط الكلّي. منه».