.................................................................................................
______________________________________________________
قلت : إنّ هذه الاستصحابات غير معتبرة على القول الحقّ وإن كان خلاف ظاهر المشهور ، لتغيّر موضوعها ، لأنّ ثبوت التكليف في الحالة الاولى إنّما هو في حال العلم والتمكّن من الإطاعة التفصيليّة ، وفي الحالة اللاحقة إنّما هو في حال الجهل وعدم التمكّن.
نعم ، يمكن إثبات وجوب الاحتياط في هذا القسم أيضا بوجهين آخرين :
أحدهما : قاعدة الاشتغال ، لا استصحابه حتّى يمنع بما تقدّم ، بتقريب أن يقال : إذا ثبت وجوب إطاعة الواقع في حال العلم والتمكّن من الإطاعة التفصيليّة ، ثبت وجوب تحصيل القطع بالواقع في حال الجهل أيضا ، لأنّ الشغل اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة ، غاية الأمر أنّ الإجماع على عدم وجوب الاحتياط الكلّي أحوجنا إلى الاقتصار في مقام الامتثال على الإتيان بما لم ينعقد الإجماع على خلافه ، لعدم حصول اليقين بالبراءة إلّا بذلك ، ويتمّ المطلوب بضميمة الإجماع كما تقدّم.
وثانيهما : استفادة ذلك من مجموع الخطابات الشرعيّة ، بعد ما قرّر في محلّ آخر من كون العلم الإجمالي كالتفصيلي طريقا اضطراريّا غير قابل لجعل الشارع والتصرّف فيه إلّا برفع اليد عن الواقع.
نعم ، قد يفرّق بينهما بصلوح العلم الإجمالي لجعل بعض أطرافه بدلا من الواقع ، بخلاف العلم التفصيلي ، كما نبّه عليه المصنّف رحمهالله غير مرّة. فنقول : إنّ مقتضى إطلاق ما ورد من الكتاب والسنّة في وجوب الصلاة واشتراطها بالقبلة هو وجوبها على المكلّفين حتّى مع اشتباه القبلة ، ومقتضاه وجوب الاحتياط الكلّي ، إلّا أنّه بعد ضمّه إلى الإجماع على عدم وجوب الاحتياط الكلّي يفيد بدلالة الإشارة على كون بعض أطراف الشبهة بدلا من الواقع ، لأنّ مطلوبيّة الواقع ـ كما هو مقتضى إطلاق الخطابات ـ وعدم وجوب الاحتياط الكلّي لا يجتمعان إلّا بذلك ، لأنّ البدل في المثال المتقدّم مثلا إمّا هي الصلاة إلى أربع جهات ، للإجماع على عدم وجوب الزائد عليها ، أو صلاة واحدة مخيّرا في الإتيان بها إلى أيّ جهة أراد ، فيرجع