يجب الإتيان بما تيسّر من المحتملات؟ وجهان : من أنّ التكليف بإتيان الواقع ساقط ، فلا مقتضي لإيجاب مقدّماته العلميّة ، وإنّما وجب الإتيان بواحد فرارا من المخالفة القطعيّة. ومن أنّ اللازم بعد الالتزام بحرمة مخالفة الواقع مراعاته مهما أمكن ؛ وعليه بناء العقلاء في أوامرهم العرفيّة.
والاكتفاء بالواحد التخييري عن الواقع إنّما يكون مع نصّ الشارع عليه. وأمّا مع عدمه وفرض حكم العقل بوجوب مراعاة الواقع (*) ، فيجب مراعاته حتّى يقطع بعدم العقاب ؛ إمّا لحصول الواجب وإمّا لسقوطه بعدم تيسّر الفعل وهذا لا يحصل إلّا بعد الإتيان بما تيسّر ، وهذا هو الأقوى.
وهذا الحكم مطّرد في كلّ مورد وجد المانع من الإتيان ببعض غير معيّن من المحتملات. ولو طرأ المانع من بعض معيّن منها ، ففي الوجوب ـ كما هو المشهور ـ إشكال من عدم العلم بوجود الواجب بين الباقي ، والأصل البراءة.
السادس : هل يشترط في تحصيل العلم الإجمالي بالبراءة بالجمع بين المشتبهين ، عدم التمكّن من الامتثال التفصيلي بإزالة الشبهة و (**) اختياره ما يعلم به (١٦٥٦)
______________________________________________________
الشكّ في جعل البدليّة حينئذ إلى التعيين والتخيير ، والمرجع فيه هو الاحتياط ، وإن قلنا بأصالة البراءة عند دوران الأمر بينهما في نفس الأحكام الأوليّة. وتمسّك المصنّف رحمهالله بها في القسم الأوّل ضعيف كما لا يخفى ، لأنّ دوران الأمر بينهما هنا إنّما هو في طريق امتثال ما علم إجمالا ، والمرجع عند الشكّ في بعض شرائط كيفيّة الامتثال هو الاحتياط ، وإن قلنا بأصالة البراءة عند الشكّ في الأجزاء والشرائط ، كما قرّرناه في محلّ آخر وفاقا للمصنّف رحمهالله. وتوهّم سقوط شرطيّة القبلة عند اشتباهها ضعيف ، كما نبّه عليه المصنّف رحمهالله في التنبيه الأوّل تقريبا وتزييفا ، فراجع.
١٦٥٦. كاختيار ثوب طاهر آخر غير الثوبين المشتبهين. وتحقيق هذا المقام
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «الواقع» ، الواجب.
(**) في بعض النسخ : بدل «و» ، أو.