جهة نفس الواجب؟ فلا يجب إلّا إذا أوجب إهماله تردّدا في أصل الواجب ، كتكرار الصلاة في الثوبين المشتبهين إلى أربع جهات ، فإنّه يوجب تردّدا في الواجب زائدا على التردّد الحاصل من جهة اشتباه القبلة ، فكما يجب رفع التردّد مع الإمكان كذلك يجب تقليله.
أمّا إذا لم يوجب إهماله تردّدا زائدا في الواجب فلا يجب ، كما فيما نحن فيه ؛ فإنّ الإتيان بالعصر المقصورة بعد الظهر المقصورة لا يوجب تردّدا زائدا على التردّد الحاصل من جهة القصر والإتمام ؛ لأنّ العصر المقصورة إن كانت مطابقة للواقع كانت واجدة لشرطها وهو الترتّب على الظهر ، وإن كانت مخالفة للواقع لم ينفع وقوعها مترتّبة على الظهر الواقعيّة ؛ لأنّ الترتّب إنّما هو بين الواجبين واقعا.
______________________________________________________
مستند إلى ذلك لا إلى فقد الشرط ، لفرض عدم إجدائه على تقدير عدم كونها مأمورا بها ، لأنّ العصر المقصورة إذا وقعت بعد الظهر التامّة الواقعيّة لم يعتدّ بهذا الترتّب ، لأنّ الترتّب إنّما يعتبر بين الواجبين واقعا ، لا بين الواجب واقعا والواجب ظاهرا من باب المقدّمة. فالتردّد في انطباقها على الواقع إنّما هو من جهة الشكّ في كون المكلّف به هو القصر أو الإتمام ، لا من جهة وجدان الشرط وعدمه ، لما عرفت من عدم إجداء وجدانه له على تقدير عدم كونها مأمورا بها. فلا بدّ من القول بجواز الإتيان بالظهر والعصر مقصورتين ثمّ إتيانهما تامّتين ، على القول بوجوب تقديم الإطاعة التفصيليّة على الإجماليّة مهما أمكن.
وقد يقال أيضا في وجهه : إنّ المقصود من اشتراط ترتّب العصر على الظهر إن كان ترتّب العصر الواقعيّة على الظهر الواقعيّة فهو حاصل بالفرض. وإن كان ترتّب العصر الظاهريّة ـ أعني : ما ثبت وجوبه من باب المقدّمة العلميّة ـ على الظهر الظاهريّة فهو أيضا حاصل. وإن كان ترتّب العصر الظاهريّة على الظهر الواقعيّة فهو ممنوع ، لأنّ ظاهر الأدلّة هو اعتبار الترتّب بين الواجبين واقعا ، كما صرّح به المصنّف رحمهالله.
فإن قلت : إنّه قد ادّعى بعضهم الإجماع على تقدّم الإطاعة التفصيليّة على الإجماليّة ، والعلم بحصول الترتّب تفصيلا لا يحصل إلّا بالإتيان بجميع محتملات الظهر أوّلا.