مواده إذا دقق فيها العقل السليم وبحثها وافياً وجد فيها القدرة الهائلة ، والتنظيم الحكيم والابداع المدهش الذي لا يستطيع أن يحدثه مخلوق مهما كانت امكانياته ، بل وأكثر من ذلك إذ أنه يقف أمام معظم ما فيها عاجزاً حتى عن فهمها حق الفهم ؛ هذا وإذا كان الناس قد آمنوا فيما مضى إيماناً ظنياً أو تقليداً للآباء والأمهات أو مبنياً على بعض المعجزات والخوارق فإننا اليوم في عصر نجد في كل ذرة من ذرات هذا الكون المعجزات الكافية والبراهين الدافعة التي تكفي العاقل لأن يؤمن إيماناً لا يزعزعه شيء.
إن العلم اليوم المبذول في كل مكان هو الواسطة الجميلة في معرفة الله والإيمان به فإذا عرفه المرء أحبه ، وإذا أحبه أطاعه وأتبع تشريعه ؛ وإن التشريع الإلهي يهدي إلى كل خير ويحوي كل خلق حسن وسعادة وأخوة ، وليت الناس سلكوا هذا السبيل إذن لانقلب وجه العالم المكفهر الى وجه ضاحك مسرور ، ذهب عنه القلق والشقاء وحلت السعادة والهناء.
وفي هذا الكتاب زاوية من زوايا العلم ، ونافذة من نوافذ المعرفة تطل على ما اودع الله ـ سبحانه ـ في بعض خلقه من ابداع وحكمة وقدرة ما يكفي ليقنع أي إنسان فيه شيء من العقل والبصيرة أن الله خالق كل شيء ومدبر كل أمر وبيده مقدرات كل شيء وأنه سبحانه أعظم وأجل من كل شيء.
وإني أهنىء الأخ الدكتور خالص على ما وفقه الله اليه من حسن عرض لما علمه الله من الآيات والحكمة مما كشف الستار للناس عن بديع صنع الله في هذا الجسم البشري المحكم المنقن الذي لو اجتمع من في السماوات والأرض على أن يصنعوا مثله لما استطاعوا والذي لا يزال المجهول فيه أكثر من المعلوم رغم الجهود المضنية المبذولة في عالم العلم والمعرفة.
وأسال الله سبحانه أن يطلع عليه كل انسان فيؤمن ايماناً يقينياً يضمن به سعادة الدنيا والآخرة والسلام.
دمشق |
٨ ربيع ثاني ٢ حزيران |
١٣٩١ هـ ١٩٧١ م |