.................................................................................................
______________________________________________________
ألف سنة سودا واحتملنا تغيّرها بسبب تغيّر مزاج الأمكنة ، لم يمكن إلحاق المشكوك فيه بالفعل بالأفراد الغالبة المذكورة.
وبالجملة ، إنّه يعتبر في الغلبة أمران : أحدهما : اشتراك أغلب الأفراد المستقرأ فيها في حكم أو صفة في زمان الشكّ. وثانيهما : وجود جامع بينها يظنّ كونه هي العلّة في الحكم أو الصفة التي اشترك فيها أغلب الأفراد فعلا. فالمراد بالغلبة أن يكون الأفراد المتتبّع فيها المعلوم اتّصافها بالصفة المعلومة أفرادا غالبة لذلك الكلّي الجامع ، على وجه لو وجد فرد منه على خلاف الصفة المفروضة لكان ذلك على وجه الندرة والشذوذ ، كما ظهر من مثال غلبة السّواد على أفراد الحبش ، فإنّه لو فرض وجود فرد أبيض منها لكان على خلاف مقتضى الطبيعة الحبشيّة التي هي العلّة لثبوت تلك الصفة ، ولا يكون ذلك إلّا لمانع على خلاف العادة المتعارفة. ولكنّ الحكم مع ذلك في الغلبة ظنّي ، لعدم اشتراط التتبّع التامّ في جميع الأفراد ، فحينئذ يحتمل عند العقل ـ ولو على خلاف العادة المتعارفة ـ وجود فرد أبيض ، فلا يمكن له الحكم بكون هذا الفرد المشكوك فيه أسود إلّا على سبيل الظنّ.
وأمّا الاستقراء ، فهو ـ على ما قيل ـ عبارة عن تصفّح الجزئيّات لإثبات حكم على كلّي. وهو على قسمين : تامّ وناقص. والتامّ عبارة عن تصفّح جميع الجزئيّات ، مثلا لو أردنا الحكم بأنّ الحيوان جسم استقرأنا جميع أفراده المفروض انحصارها في الإنسان والبقر والغنم والفرس مثلا ، وحقّقنا أنّ كلّ واحد منها جسم ، فنقول : إنّ الحيوان جسم بالاستقراء التامّ ، وهو مفيد للقطع. والناقص عبارة عن تصفّح بعض الجزئيّات المندرجة تحت ذلك الكلّي ، وتحقيق كونها على صفة مخصوصة بحيث يظنّ كون تلك الصفة من لوازم ذلك الكلّي ، فيحكم على جميع جزئيّاته بذلك حكما ظنّيا ، حتّى الجزئيّ المشكوك في اتّصافه بتلك الصفة.
ثمّ إن كانت الأفراد المستقرأ فيها هي الأغلب ـ كما في مثال الحبشي ـ يصدق عليه تعريف الغلبة أيضا ، فيتصادق الاستقراء والغلبة في هذا القسم. وإن