.................................................................................................
______________________________________________________
بخصوصه ظاهر» انتهى.
وأنت خبير بأنّ المستدلّ قد تمسّك بالغلبة ، وصاحب المعالم قد أجابه بكونه قياسا. والوجه فيه ما ذكرناه من كون الجامع في الغلبة واقعيّا لا اعتباريّا ، وإلّا فهو قياس محض. والجامع بين الأمر وغيره من الجملات الإخباريّة والإنشائيّة ليس بواقعيّ تستند إليه إفادتها للحال في ظنّ المتتبّع حتّى يستند إليه في إثبات إفادة الأمر للفور ، إذ ما يصلح أن يكون جامعا بينهما إمّا كونها جملة أو ملفوظة ، وكلّ منهما لا يصلح أن يكون مستندا لكونها للحال في ظنّ المتتبّع ، وهو واضح. فمع اشتباه الحال في ذلك لا بدّ لمن يعمل بالاستقراء والغلبة أن يعمّق النظر ويدقّق الفكر في تمييز مواردهما ، عن موارد القياس ، لئلّا يختلط بعضها ببعض ، لكون العمل به محظورا في الشرع بالضرورة حتّى عند القائلين بالظنون المطلقة. بل هذه الفرقة هم المحتاجون إلى تمييز مواردهما عن موارد القياس ، لكون العمل بالغلبة والاستقراء محظورا عند القائلين بالظنون الخاصّة كغيرهما من الظنون غير المعتبرة ، فلا فرق عندهم بين هذه الأمارات والقياس في عدم جواز العمل بكلّ منهما.
ثمّ إنّ للغلبة مراتب مختلفة ، لأنّها قد تلاحظ في أفراد جنس قريب أو بعيد ، وقد تلاحظ في أفراد نوع من جنس ، وقد تلاحظ في أفراد صنف من نوع. وقد تتّفق أحكام هذه المراتب ، بأن يستقرأ أفراد الحيوان فيحكم على كلّي هذه الأفراد بحكم أو صفة من جهة استقراء أغلب أفراده ، ثمّ يستقرأ أغلب أفراد الإنسان فيحكم على كلّيها بالحكم الذي قد حكم به على كلّي الحيوان ، ثمّ يستقرأ صنف خاصّ من الإنسان ، فيحكم على كلّيه بالحكم المذكور أيضا. وقد تختلف أحكامها ، بأن اقتضى استقراء أغلب أفراد الجنس حكما مخالفا لحكم استقراء أغلب أفراد نوعه أو صنفه ، ومع اختلافها يقدّم حكم غلبة الصنف على حكم نوعه ، والنوع على جنسه.
وإذا تمهّد هذه المقدّمة نقول : إنّك قد عرفت أنّ المعتبر في الغلبة أمران :