حجّة من أنكر الاستصحاب في الامور الخارجية ما ذكره المحقّق الخوانساري في شرح الدروس ، وحكاه في حاشية له عند كلام الشهيد : «ويحرم استعمال الماء النجس والمشتبه» على ما حكاه شارح الوافية واستظهره المحقّق القمّي قدسسره من السبزواري ، من : أنّ الأخبار لا يظهر شمولها للامور الخارجيّة ـ مثل رطوبة الثوب ونحوها ـ إذ يبعد أن يكون مرادهم بيان الحكم في مثل هذه الامور الذي ليس حكما شرعيّا وإن كان يمكن أن يصير منشأ لحكم شرعيّ ، وهذا ما يقال : إنّ الاستصحاب في الامور الخارجية لا عبرة به ، انتهى.
وفيه : أمّا أوّلا : فبالنقض بالأحكام الجزئيّة ، مثل طهارة الثوب من حيث عدم ملاقاته للنجاسة ، ونجاسته من حيث ملاقاته لها ؛ فإنّ بيانها أيضا ليس من وظيفة الإمام عليهالسلام ، كما أنّه ليس وظيفة المجتهد ، ولا يجوز التقليد فيها ، وإنّما وظيفته ـ من حيث كونه مبيّنا للشرع ـ بيان الأحكام الكلّية المشتبهة على الرعيّة.
وأمّا ثانيا : فبالحلّ ، توضيحه : أنّ بيان الحكم الجزئي في المشتبهات (*) الخارجية
______________________________________________________
بعدم الرافع ـ مع اشتراكهما في اليقين السابق ـ ظاهر كالصّريح في عدم جريان الاستصحاب في عدم الرافع. وما أوّله به المصنّف رحمهالله ممّا لا يصغى إليه.
هذا ، ويرد على دعوى اتّحاد التفصيلين ـ مضافا إلى ما ذكره ـ أنّ الشكّ في الرافع ـ سواء كان المرفوع شرعيّا أم عاديا ـ تارة يقع في وجود الرافع ، واخرى في رافعيّة الموجود. وأصالة عدم الرافع إنّما تجري في الأوّل دون الثاني ، لأنّه إن اريد بها أصالة عدم رافعيّة الموجود ، كالرطوبة المردّدة بين كونها بولا أو مذيا ، فهو غير مسبوق بالحالة السابقة. وإن اريد بها عدم عروض الرافع مطلقا للممنوع منه ، فهو لا يثبت عدم رافعيّة الموجود إلّا على القول بالاصول المثبتة. نعم ، لو كانت الشبهة حكميّة ـ كما لو شكّ في رافعيّة المذي ـ يمكن أن يقال إنّ المراد بأصالة عدم الرّافع حينئذ أصالة عدم جعل الشارع للمذي رافعا.
__________________
(*) بعض النسخ : بدل «المشتبهات» ، الشبهات.