وأمّا القول الخامس وهو التفصيل بين الحكم الشرعيّ الكلّي وبين غيره ، فلا يعتبر في الأوّل ـ فهو المصرّح به في كلام المحدّث الأسترآبادي (٢٢٢٨) ، لكنّه صرّح باستثناء استصحاب عدم النسخ مدّعيا الإجماع بل الضرورة على اعتباره. قال في محكيّ فوائده المكّية (١١) ـ بعد ذكر أخبار الاستصحاب ـ ما لفظه :
لا يقال : هذه القاعدة تقتضي جواز العمل بالاستصحاب في أحكام الله تعالى كما ذهب إليه المفيد والعلّامة من أصحابنا والشافعيّة قاطبة ، وتقتضي بطلان قول أكثر علمائنا والحنفيّة بعدم جواز العمل به.
______________________________________________________
٢٢٢٨. وكذا في كلام الشيخ الحرّ العاملي المحكيّ عن الفصول المهمّة ، قال بعد نقل شطر من أخبار الباب : «إنّ هذه الأخبار لا تدلّ على حجّية الاستصحاب في نفس الحكم الشرعيّ ، وإنّما تدلّ عليه في موضوعاته ومتعلّقاته ، كتجدّد حدث بعد الطهارة أو طهارة بعد الحدث أو طلوع الصبح أو غروب الشمس أو تجدّد ملك أو نكاح أو زوالهما أو نحو ذلك ، كما هو ظاهر من حديث المسألتين ، وقد حقّقناه في الفوائد الطوسيّة».
وقال في محكيّ الفوائد الطوسيّة : «إنّ المتتبّع في أخبار الاستصحاب يجدها واردا لبيان إجراء الاستصحاب في الموضوعات ، كالطهارة والنجاسة والليل والنهار والرطوبة واليبوسة. فمورد تلك الأخبار هو الموضوعات بحكم التّتبع ، فنحكم بحجّية الاستصحاب فيها ، فلا نتعدّى إلى غيرها من الأحكام الكلّية» انتهى.
ويرد عليه أوّلا : أنّ مورد جملة من الأخبار وإن اختصّ بموضوعات الأحكام ، إلّا أنّ جملة اخرى منها مطلقة ، كرواية الخصال وغيرها ، وهي صحيحة على اصطلاح القدماء ، لغاية وثاقتها كما تقدّم سابقا.
فإن قلت : ينبغي حمل المطلق منها على مقيّدها كما هو المطّرد في باب المطلقات.
قلت : نمنع الاطّراد ، بل الحمل مشروط بالعلم باتّحاد التكليف. واشتراطهم لاتّحاد السبب في المثبتين إنّما هو لكشف ذلك عندهم عن اتّحاده كما قرّرناه في